إذن، هؤلاء الجماعة الذين قالوا"الإيمان هو التصديق"، هؤلاء من أكبر المصائب على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وللأسف، أن عامة المسلمين يقولون بهذا القول ويجعلون أن شرط الكفر، الإعتقاد والجحود. أن يجحد المرء ..
لمّا رجلٌ شرَّع وقال للناس - مثلاً - عندي دستورٌ هذا، أن من زنى فإنه يقتل مطلقاً، بعض الناس يظن أن التشريع لمّا يكون أخف من الحكم الشرعي، فحينئذٍ يكفر صاحبه (أي: مشرّعه) ، أما أن يكون التشريع أثقل من الحكم الشرعي فلا يكفر، يعني لو جاء رجلٌ وقال،: الحكم عندنا، أن من زني، فقد حلّ لنا أن نقتله في قانوننا". هذا العمل، ماحكمه في الشريعة، هذا كفر أكبر أم أصغر؟ هذا كفرٌ أكبر بإجماع أهل الملة. الإجماع على أن التشريع - في ما يخالف شرع الله - عملٌ من أعمال الكفر الأكبر. [1] "
الآن، هذا الرجل، حتّى يكون عند أهل البدع كافراً، ماذا يشترطون له؟ أن يستحل التشريع، يشترطون الإستحلال، الذي هو تكذيب الله. أن يقول هو، هذا الأمر حلال، والله تعالى يقول حرام، فيكذِّب الله سبحانه وتعالي. أمّا هذا العمل، فلا يصلح أن يكون مكفِّراً. فلابدّ من شرط الإعتقاد!!
الغريب يا إخوتي! أن محمد بن عبدالوهاب كان كلّ كتبه وكتب أتباعه وأبنائه ودعوته، كان من أجل تفهيم الناس هذه القضية! إقرأوا كتاب"كشف الشبهات"، كتاب صغيرٌ جداً، فقط في هذه القضية، وكتب كثيرة له، من أجل إقامة البيان على أن الإعتقاد - وما يسميه الناس إعتقاداً - ليس شرطاً في الكفر، لأنه حينئذٍ لا يرى إلا كفر الربوبية، ولا يرى كفر توحيد الإلهية ..
الغريب! أن هذه القضية هي دعوة الشيخ عليه رحمة الله، ولكن الذين ينتسبون لدعوته الآن، هم أبعد الناس عن هذه القضية .. من الذين يتَسَمَّون بالسلفية وغير ذلك. أو الذين يرفعون هذه الشعارات كذباً وزوراً، هم أبعد الناس عن هذه القضايا ويشترطون الإعتقاد ..
*هنا المصيبة! ماذا جرت هذه القضية على أمتنا من بلايا ومصائب؟ ماذا جرت؟ أين أثمر؟ هذه القضية يجب أن نُبَيِّنها، هذه هي التي تُعتَبر الفارق الكبير بين منهج أهل السنة والجماعة وبين منهج أهل البدع في الحكم على الأشخاص ..
ابن تيمية - عليه رحمة الله - في كتابه"الصارم المسلول" [2] عندما ناقش بعض أئمة الحنابلة في قضية"سبِّ النبي صلى الله عليه وسلم"، - سب النبي صلى الله عليه وسلم عملٌ من أعمال الكفر الأكبر -، فجاء بعضهم وقال: هذا السب صاحبه كافرٌ لأنه كذَّب رسول الله، أي - عنده - لا يسبُّ أحدٌ رسولَ الله حتّى يكذِّبه ..
إعتبر ابن تيمية رحمه الله، شرط الإستحلال للحكم على هذا الرجل - ساب النبي صلى الله عليه وسلم - بالكفر، أنه من قول الجهمية وقول المرجئة ..
(1) انظر"البداية والنهاية"لابن کثير (13/ 119) - و"مجموع الفتاوي"لابن تيمية (8/ 106) و (3/ 267) - وانظر (رسالة تحکيم القوانين) للشيخ محمد بن ابراهيم آل شيخ.
(2) انظر (الصارم المسلول) ص 513.