التام لله، وضد التبتُّل التام والعبادة والتذلل التام، مثلاً، قام وبصق على كتاب الله، فهل هذا يكفر عندهم؟ هو عندهم في الأصل، لا يكفر، لكن لا يستطيعون أن يقولوا أن هذا الرجل لا يكفر، لا يستطيعون، لأن سيوف أهل الملة كانت عليهم، [1] كيف يبصق الرجل على المصحف، وتقول لا يكفر؟! فقالوا: يكفر. لكن هل كفَرَ بهذا العمل - كما عند أهل السنة -؟ لا، هذا عملٌ لا يكفِّر عندهم، لا يكفِّرون بالعمل،. لكن يرون أنّ هذا العمل دليل على عدم وجود التصديق في القلب، فهم يجعلونه ثمراً من ثمار عدم التصديق في القلب، فيُكفِّرون لا بالعمل، ولكن يكفِّرونه بعدم التصديق.، يعني هل يمكن للرجل أن يدوس على لمصحف، ومع ذلك، التصديق موجود في قلبه؟ أي لا يكون كافراً باطنا؟ ممكن ..
نحن أهل السنة قلنا، لمّا الرجل داس على المصحف، يكفر باطناً وظاهراً.
هذا التأويل، وهذا التلازم الذي يجعلونه بين إرتكاب عمل من أعمال الكفر عند المرء وبين زوال التصديق في القلب، تلازم غير صحيح وغير مطلق. بل ممكن أن يصدِّق رجلٌ بأن القرآن من عند الله، وأن محمداً رسول الله، والقرآن كلام الله، ويعتقد أنه يجب إحترام القرآن وتوقيره، وممكن بعد ذلك أن يدوس على المصحف!. عامة المسلمين الذين ينتسبون إلى الإسلام في هذه الأيام، نرى منهم هذه الأمور! الآن كثير من المنتسبين إلى الإسلام والذين يعتقدون بأن القرآن كلام الله و .. ، يسبُّون الله عزوجل، ويسبُّون الدين - العياذ بالله -، أمثال هذا، ممكن أن يكون مصدق الله عزوجل بأن الله عظيم ويجب تعظيمه؟ نعم! بل هو كذلك، ويعتقد أنه يجب أن يحترم ويصدِّق الرب. ويعرف ذلك ويصدِّقه ومع ذلك عَمِلَ عَمَلَ كفرٍ. لأنه لم يلتزم بعقد الإلتزام، بل نقضه، لم يلتزم بأن يعَظِّم الرب سبحانه. فهو عندنا - أهل السنة -، يكفر بهذا العمل، وإن لم يكذِّب خبر السماء، ووجدنا في الواقع - كثيراً - من يقوم بعملٍ من أعمال الكفر الأكبر، مع وجود التصديق في القلب ..
إذن، المرجئة يقولون بإمكانية أن يكفر المرء ظاهراً، مع إيمانه في الباطن!!
ولذلك يقولون: نحن نحكم عليه في الظاهر أنه كافر ونقتله حداً بجكم الدنيا، لكن ممكن أن يكون في الآخرة في الجنة مع أبي بكر!! - لأنه ممكن أن يكون في الباطن مؤمناً!! -
ولذلك هم جاؤوا ليخرجوا من هذه الورطة، فقالوا: هناك كفر حقيقي وهناك كفرٌ مجازي!، الكفر الحقيقي هو ضد التصديق والكفر المجازي ..
هم الأصل لا يكفِّرون أحداً، ولكن يخافون أن يقولوا هذا صراحتاً، فلا يكفِّرون إلا بإشتراط الإعتقاد، كيف نعرف الإعتقاد؟ قال شيخٌ منهم: (أنا لا أكفِّر أحداً حتّى يصعد على المنبر ويقول للناس"أنا كافر") ! فهمتم هذه؟! ولا يقول أحدٌ أنِّي كافر - إلا ما شاء الله -، بل كان قريش تزعم أنهم أهل الحق وأنهم أتباع ملة ابراهيم، والنبي صلى الله عليه وسلم لمّا سمّاهم كفاراً، إحمرَّت أنوفهم، وغضبوا جداً، وناقشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصموه، بل سمَّوه بالصابئي و ..
(1) معلوم أن هذا کان في زمنٍ کان فيه أهل الحق وأهل السنة صاحب دولة وشوکة ..