فلذلك قول هؤلاء الناس، أن الإيمان هو تصديق الخبر فقط، والقول، جعلوه - أهل البدع وأغلبهم من الأشاعرة الذين يقولون بهذا القول -، جعلوا الإيمان فقط هو التصديق والتصديق عندهم هل يزيد وينقص؟ لا، حالة واحدة، ولذلك الإيمان عندهم ما هو؟ هو الإعتقاد الجازم على أمر حقيقي، إذا أصابه الشك فحينئذٍ يكفر المرء.
إذن هل الإيمان عندهم قول وعمل؟ ليس قول وعمل. بل هو التصديق، حتّى لا يجعلون أعمال القلوب من الإيمان، أعمال القلوب التي هي التوكل، الإخبات، الإنابة، ليست من الإيمان، بل هو تصديق خبر الله فقط. والشيء الثاني: أن الإيمان عندهم شعبة واحدة، التصديق عندهم، والشعب لا تتكرَّر، ولذلك عندهم، هل يجوز الإستثناء في الإيمان عندهم؟ لو قال رجلٌ"أنا مؤمن إن شاء الله"، هذا ماهو عندهم؟ هو عندهم شاك في دينه وإيمانه. فلذلك عندهم الإستثناء في الإيمان، كفرٌ ..
والغريب، أن الأشاعرة الذين يقولون أن الإيمان هو التصديق ودليل التصديق هو القول، يقولون بالإستثناء في الإيمان!، نحن قلنا سابقاً، أن الأشاعرة جماعة ملفِّقين، جماعة يقولون ما لا يعلمون، ويريدون أن يوفِّقوا، فلفّقوا، فما وفَّقوا! ..
فالغريب جداً، الإيمان عندهم التصديق، ومع ذلك يقولون بالإستثناء في الإيمان! كيف؟ طبعاً، أبوالحسن الأشعري رحمه الله، كان جاهلاً بحقيقة مذهب أهل السنة في مسائل كثيرة، فمرات كثيرة، يصل إليه حكم من أحكام أهل السنة فيأخذه، من غير أن يعرف كيف نشأ هذا الحكم. ولكن يأخذه ليقرره على عقيدةٍ ما، وعلى طريقةٍ ما، فنظر فوجد أن أهل السنة، جماعة قالوا بالإستثناء في الإيمان، ويقولون"أنا مؤمن إن شاء الله"، هذا هو مذهب أهل السنة. طيب! كيف يستثني وهو يقول الإيمان هو التصديق؟ ولا يجوز أن يتعدد ولا يتشعب؟ فذهب إلى تفسيره، إلى الناحية التالية، قال: الإستثناء في الإيمان، ليس بإعتبار الحال - كما بينّا عند أهل السنة، نحن قلنا عند أهل السنة الإستثناء بإعتبار الحال، أي: هو الآن لا يجزم بأنه مؤمن كامل الإيمان، بسبب أنه لا يستطيع أن يقول:"أنا أتيتُ بجميع مراتب الإيمان الواجب". وكل الناس يعصون، فهو أيضاً واقعٌ في المعاصي، فهذه المعاصي تُخَلِّفُ عنه الإيمان الواجب (بتمامه وكماله) .. صحيح؟، هذا عند أهل السنة والجماعة، إذن هو الآن لا يجزم بإيمانه، - بأن يكون كامل الإيمان، لا بمعنى الشك في أصل الإيمان - فهو يقول"أنا مؤمن الآن إن شاء الله"، وكذلك هو يتمنّى أن يموت على الإيمان إن شاء الله .. هذا عند أهل السنة ..
لكن هذا، عند أبوالحسن الأشعري وجماعته الأشاعرة، قالوا، الإيمان نستثني به، والإستثناء للمآل، يعني أنا مؤمنٌ الآن، وأتمنّى أن أكون كذلك مؤمناً عند الموت، فهو يجزم بإيمانه - اى بإيمانه الكامل الآن -، فهمتم هذه القضية؟ ..
إذن هم يستثنون في الإيمان، الآن مادام الإيمان عندهم التصديق فيما يتعلق بالخبر، فالنهاية، أنهم يرون بأي نوع من أنواع الكفر فقط؟ ضد التصديق، وهو التكذيب فقط، الجحود، فقط. هذا هو الكفر عند أهل البدع. ولذلك هم الذين يشترطون الإعتقاد في أسباب الكفر والأمور الكفري التي تقع بالقول وعمل الجوارح ..
هؤلاء، لما كان الإيمان عندهم هو التصديق، فضد الإيمان عندهم - و هو الكفر -، هو ضد التصديق أي: التكذيب، الجحود. لو أن رجلاً قام يعمل من أعمال الكفر التي هي ضد التعظيم