المهم، ما يهمنا في هذا، أن إبليس ردَّ أمر الله، وردُّ أمر الله له حالة واحدة، وهو الكفر. وماذا يحتاج للعودة إلى الإسلام؟ يحتاج أن يتوب، وأن يعلِنَ إسلامه ويدخُل إلى الإسلام، من الباب الذي خرج منه - كما سنتكلم في باب الكفر -، من الباب الذي خرج منه، يعود منه إلى الإسلام ..
*وتكلمنا في الدروس السابقة، عن قضية"إذا كان العمل كفراً أكبر، فانه لا يحتاج إلى الإعتقاد"، وتكلمنا أنه من قال مثلاً من المشايخ الذين نازعوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عليه رحمة الله عندما قالوا: أن الإنسان إذا سجد للصنم لا يكفر حتّي .. يحتاج إلى إعتقاد، وأنه يعتقد في هذا الصنم أنه ينفع .. ، إذن هؤلاء لا يرون الكفر في الألوهية (الشرك في الالوهية) ، إنما الكفر عندهم كفر الربوبية. أو كالذي يقول أن هذا المُشرِّع لا نستطيع أن نُكفِّره حتّى ننظر إلى قلبه، فنرى هل هو يرى حكم الله أقل مرتبة من حكمه؟!، لا يحتاج إلى هذا، لماذا؟
لأن الفعل بنفسه كفر أكبر مخرج من الملة، نحن قلنا، كما أن الإيمان قول وعمل ونية، الكفر كذلك قول وعمل ونية، فإذا حقّقنا أن هذا الفعل كفرٌ أكبر بنفسه، هذا يكفي لأن نجريه على صاحبه - إذا ذهبت الموانع ووجدت الشروط -، فهمتم هذه؟ .. ، هذه قضية مهمة لأن هؤلاء لا يرون إلا كفر التكذيب. واحدٌ يقول: الله يقول حكمي أفضل، فإذا قال هذا الشخص: لا، حكمي أنا أفضل، فحينئذٍ يكفر لأنه كذّب الله لا بإعراضه عن حكم الله، ولا بردِّه حكم الله عزوجل ..
وقلنا هنا إخواني: عدم قبول أمر الله قد يكون بالقلب كما هو حال المنافق، وقد يكون باللسان وقد يكون بالعمل، فإن الصحابة - كما قال علماؤنا - كانوا يرون الجحودَ، عملاً.
الآن، نأتي إلى ثمار مفاهيم الإيمان عند أهل السنة والجماعة:
نحن تكلمنا أن الإيمان ماهو؟ العمل، هكذا قلنا - و أنه طبعاً موافق للسنة، موافق لدين الله والشرع والحق -، فهذا هو الإيمان، فهناك أعمال مكلف بها القلب، وهناك أعمال مكلف بها اللسان، وهناك أعمال مكلف بها الجوارح. سمينا الأعمال المكلَّف بها القلب،"الأقوال والأعمال"، وسمينا عمل اللسان،"الكلام، الأقوال"وسمينا عمل الجوارح،"العمل"،. لكن كلها عمل. وكلها ناشئةٌ من ماذا؟ ناشئةٌ من إرادة وناشئة من قدرة .. - إنتبهوا لهذه القضية المنطقية الصحيحة بدلائل النبوة -، قلنا العمل، ينشأ من عمل باطني - من حركة باطنية -، من أمرين، من شقين: الشق الأول: قدرة تامة. ثانياً: إرادة جازمة.
لو يوجد موانع أقويا من قدرتك، فهل عندك قدرة تامة على العمل؟ لا، يعني قد يكون عندك قدرة على العمل، لكن يوجد موانع أقويا من قدرتك، فما عندك قدرة تامة على العمل، فالعمل عند أهل السنة والجماعة - الذي هو الإيمان - قدرةٌ تامّةٌ وإرادة جازمة، والعمل الموافق للسنة.
والعمل قد يتخلف بسبب القدرة .. ، قلنا الإرادة بشقيها، ما هما؟ الأول: العلم (تصور الشيء؛ حتّى تمشي إلى الإرادة له) ، وثانياً: القوة الدافعة.