فهرس الكتاب
الصفحة 174 من 224

الأعمال تركه كفر غير الصلاة". [1] هل كلامه هذا عن مسائل الأمر أم مسائل النهي؟ كلامه هذا، عن مسائل الأمر .. لكن مسائل النهي، هل الصحابة لا يرون أن من بصق على المصحف يكفر؟ نعم. هل البصق على المصحف، أمرٌ أم نهيٌ؟ إرتكب منهياً عنه أم قام بمأمورٍ به؟ إرتكب منهياً عنه. فإذن المنهيات التي تؤدِّي إلى الكفر الأكبر، كثيرة لكن أوامر الجوارح العملية [2] ، الصحابة أجمعوا على ماذا؟ الصلاة."

إذن يجب أن نفهم الفرق بين الأمر والنهي، واحد يأتي ويحتج لك أن فقط ترك الصلاة كفر، لأن الصحابة أجمعوا على هذا، والبصق على المصحف ليس بكفر! فعليك أن تُفرِّق بين الأمر والنهي. فان أبواب الردة التي ذكرها العلماء واستتابوا فيها في كتبهم، أغلبهم في باب المنهيات، واحدٌ داس على المصحف، واحدٌ ساب النبي صلى الله عليه وسلم، واحد سب الله عزوجل، واحدٌ سب الدين، واحدٌ احتقر الإسلام، واحد ظاهر المشركين على المسلمين و .. ، كلُّها - أو أغلبها - من باب الأعمال بإرتكاب المنهي عنه، واختلفوا في باب الأعمال المأمور بها، إذا تركها المرء، وأجمعوا قديماً على الصلاة. قديماً .. ، لكن حدث الخلاف بعد ذلك ..

إذن هل فَرَّقتم بين قبول الأمر وبين الدخول في الأمر؟ وفرَّقتم بين الأمر وبين النهي؟! ..

الآن نأتي إلى سؤال أخينا الذي سأله: ما الفارق بين كفر إبليس لعنه الله وبين كفر آدم عليه السلام؟ - لنقل معصية آدم عليه السلام، حتّى لا يظن ظانٌ أننا نكفر آدم بمعصيته -. ماهو الفارق بينهما، ولماذا كفر إبليس لعنه الله بمعصيته ولم يكفر آدم عليه السلام بمعصيته؟

معصية آدم، قال له الرب:"لا تقرب الشجرة"، فعصى آدم ربه .. ، إذن معصية آدم عليه السلام في إرتكاب المنهيات. آدم عليه السلام إرتكب هذا النهي، أكل من الشجرة ..

الآن، آدم عليه السلام، هل قَبِلَ حكم الله، أنه لا تقرب هذه الشجرة؟ نعم. لعدم وجود بينة على ردِّه لحكم الله. أنه ما قال:"أنا أرُدُّ أمرك". فإذن هو قَبِل أمر الله .. لكن هل دخل في هذا الأمر؟ ما دخل فيه، وذلك بأن عصاه، - نتكلم عن المعصية -، إذن معصية آدم هي عدم الدخول في الأمر. إذن معصية آدم عليه السلام أولاً: في إرتكاب المنهي عنه .. وثانياً: في عدم الدخول في الأمر .. ، والدخول في الأمر كما قلنا له مرتبتان: 1 - إذا كان هذا الأمر من أركان الإيمان، فإن عدم الدخول فيه كفر أكبر. 2 - وإذا كان هذا الأمر من واجبات الإيمان، فإن عدم الدخول فيه ليس كفراً أكبر.

الآن، هذا الأمر - أي عدم الأكل من الشجرة -، منهي عنه، هل هذا المنهي عنهه من باب المكفِّرات في دين الله؟ لا، ليس من هذا الباب. إذن معصية آدم عليه السلام، من باب المعاصى غير المكفرة. إذن هذه المعصية، كفر أصغر ومعصية غير مكفرة، ولزوال أثرها - في الآخرة - يحتاج إلى الإستغفار والتوبة ..

الآن، نأتي إلى معصية إبليس لعنه الله، ونعوذ بالله منه:

(1) أخرجه ابن أبي شيبة في"مصنفه" (11/ 25) وعبدالرزاق (3/ 125) والآجري في"الشريعة" (34) .. والمروزي في"تعظيم قدر الصلاة" (2/ 892) عن عبدالله بن شقيق وأخرجه الحاکم في المستدرک (12) عن عبدالله بن شقيق عن أبي هريرة موقوفاً.

(2) لأن هناک أوامر کثيرةً للقلب واللسان، ترکها کفرٌ أکبر. مثل: الإقرار بلاإله إلا الله و ..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام