إذن عندنا إمتثال الأمر، أو إقرار الأمر، ليس حالة واحدة، ولا مستوى واحد، ولكن المستويين. المستوى الأول: وهو قبول الأمر. والمستوى الثاني: الدخول في الأمر - أي إمتثال الأمر - ..
الآن، ماذا يقابل التصديق؟ التكذيب .. وماذا يقابل الإمتثال؟ الإعراض .. إذن أهل السنة يقولون بكفرين - لا كفراً واحداً -، بخلاف أهل البدع الذين يقولون أن الإيمان هو التصديق فقط، إذن الكفر عندهم، واحدٌ وهو كفر التكذيب - ..
لكن، إنتبهوا إلى قوله عزوجل: (فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) [1] .
هناك كفرين، ليس كفراً واحداً .. هذه القضية مهمة جداً إخواني، الإيمان:"قبول الأمر والدخول في الأمر"..
إمتثال الأمر، هل له مستوى واحد، أو مستويين؟ مستويين. المستوى الأول: القبول .. الآن، هل عدم القبول، أو ردُّ الحكم، كفرٌ ومُخرجٌ من الملة؟ نعم هل له حالة واحدة أو حالتين ضده؟ حالة واحدة وهي الكفر .. وهو كفر الرَّدِّ.
ردُّ حكم الله وردُّ أمر الله وعدم قبوله، سواء كان صغيراً أو كبيراً، كفرٌ أكبر، حتّى ولو ردّ حكم الله بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في"عقل الأصابع" [2] ..
إذن، قبول الأمر، ليس ضده إلا حالة واحدة، وهو ردُّ أمر الله، الذي هو كفر أكبر، وطبعاً أن صُوَر ردِّ الأمر كثيرةٌ. مِن صُوَر ردِّ الأمر ماهو؟ التشريع. من صُوَر ردِّ الأمر، إمتثال أمر المشركين في التشريع، يعني الآن، واحدٌ شرَّع، لكن الثاني ماذا صنع؟ أطاعه في التشريع. فهذا ردَّ أمر الله .. أما الدخول في الأمر .. ، إذا كان هذا الأمر، من أركان الدين، فإنّ ضِدَّه - أي عدم الدخول فيه - هو الكفر الأكبر، وإذا كان من واجبات الإيمان والدين، فإنَّ عدم الدخول فيه، هو كفرٌ أصغر ..
إذن الدخول في الأمر، له مرتبتين، حسب الأمر. ولا تقولوا أن جميع الأوامر - كما يقول المرجئة: جميع الأوامر، الدخول فيها من واجبات الإيمان. لأن هناك بعض الأوامر من أركان الدين. والأمر، قد يكون أمراً، وذلك بأن يطلُبَ منك الفعل، وقد يكون نهياً. الآن، إجماع الصحابة منعقد على أن الأمر بالنسبة للجوارح، لا للقلب ولا للسان، لكن بالنسبة للجوارح في الأعمال البدنية، الأمر المجمع عليه - لدى الصحابة - أن تركه كفر أكبر، ماهو؟ الصلاة ..
لكن هنا نقطة، إنتبهوا لها، لنُفَرِّق بين الأمر والنهي، هل هناك المناهي الكثيرة إذا فعلها المرء يكفر، أم النهي له صورة واحدة، بالقيام بها يقع المرء في الكفر الأكبر؟ .. , لنرى قول عبدالله بن شقيق عندما قال:"كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من"
(1) القيامة (31 و 32) .
(2) عدم قبول أي أمر من أمور الدين، أو أي حکم من أحکام الدين، کفرٌ أکبر مخرج من الملة، بإجماع العلماء./راجع {التشريع الجنائي في الإسلام، للأستاذ عبدالقادر عودة رحمه الله (2/ 708 - 710) وأحکام القرآن للجصاص رحمه الله (3/ 181) تفسير آية 65 من سورة النساء منه. ومجموع الفتاوي لابن تيمية رحمه الله (12/ 496) } .