الأسماء والصفات، وإن كان جزءاً من توحيد الربوبية، لكنها أفردت لأهميتها ولخصومة الكبيرة فيها، فسميت بتوحيد (الأسماء والصفات) ..
ما يهمنا نحن في قضية الإيمان، هو توحيد الألوهية، وقضية توحيد الربوبية والأسماء والصفات، الخصومة فيها، أغلب ماتكون، مَعرفية، ثم إثباتية، ولكن ما يتحدد به الخطورة الكبيرة، وهي قضية إرادتك أنت ..
إذن توحيد العبادة، هو توحيد أفعال المخلوق لهذا الإله، أفعاله لا تنصرف ولا تمتثل إلا لواحد .. وتوحيد الربوبية: هو توحيد أفعال الخالق، إفراد الله بأفعاله. إذن لو قال واحد:"لا إله إلا الله، معناها، لا خالق إلا الله، لا رازق إلا الله"، هل هو أعطانا المفهوم الصحيح لتوحيد الألوهية؟ لا. لأن معنى توحيد الإلهية: توحيد أفعالك أنت لله .. فشرك المشركين عامة - على مدار التاريخ - كان غالبه في التوحيد الألوهية، وأول شرك وقع في التاريخ - فيما نعلم - هي شرك إبليس. هل قال إبليس عن الله في توحيد الربوبية شيئاً؟ هل قال له: أنت لست خالقاً، أو هناك خالق آخر معك هل قال هذا؟ ما قال هذا، لكن شركه كان في أن إرادته توجهت أن لا يمتثل أمرالله، ففعل فعلاً لم يأمر به الله وهو خلاف أمر الله، إذن لما نشأت إرادته، لم تكن ممتثلة أمر واحد ولا مقصودٌ بها الواحد، ولكنها ممتثلة أمر هواه، وتقصد هوى نفسه، فكفر وأشرك.
إذن الشرك، هو فعل الإنسان، وليس في أصله - وإن كان هذا من الشرك -، ليس فقط أن ينسب لله سبحانه شريكاً في فعله، ولكن الشرك هو أن يقصد الإنسان في أفعاله أو يمتثل أمر غير هذا الواحد، [1] هذا هو الشرك، لأنه ضد التوحيد ..
الآن، لنتابع القضية، وإن كانت بعدُ لم تكتمل الصورة كاملةً ..
لننظر الآن إلى الإنسان .. ، نحن قلنا، حركة الإنسان، وأفعال المخلوق، يجب أن يكون لواحد، الآن، ما هي أدوات هذه الأفعال؟ ما هي أدوات الإنسان لرعاية التوحيد؟ ما هي الأدوات التي يفعل ويعمل بها الإنسان؟ - أي الأدوات التي في وجود الإنسان ومن ماهيته ووجوده -؟
أنت ماذا فيك؟ أنت - كإنسان -، فيك قلبٌ، وفيك لسان، وفيك جوارح ..
ماذا يصنع القلب؟ يقول ويعمل (يفعل) . هل القلب يقول أو يتكلم؟ نعم، يقول ويفعل .. ، من أقواله ماذا؟ من أقوال القلب، حديث النفس الذي يجرى والمعاني التي يتكلم بها القلب، وتمر على خاطر الإنسان .. ، ومن أفعاله ماذا؟ من أفعال القلب أن يحب، يكره، يتوكل، يقصد .. ، له أفعال وأقوال .. ، فالقلب يقول ويفعل، يتكلم ويفعل ..
واللسان، ماذا يفعل؟ يتكلم، له الكلام ..
والجوارح ماذا؟ لهاأفعال ..
(1) کأن يأخذ الأحکام والتشريعات من غير شريعة الله، أو يوالي ويعادي علي غير أساس (الحب في الله والبغض في الله) .