فهرس الكتاب
الصفحة 131 من 224

إذن التقوى هي: الأسباب المُوجِبة لوقوع الفعل - النصر، الشبع و .. -.

إذن، إذا لم يكن عندك أسباب الموجبة لوقوع الفعل، فأنت ما عندك التقوي، - هذا المفهوم، ثقيلٌ، لكن إفهموه، فإنه مهم جداً - .. واحد ليس عنده طعام، هل هو متقي؟ لا.

قديقول قائل: واحد، فقير، ليس متقياً - فقط لأنه فقير -؟! نقول: الرجل، حتّى يكون تقياً لوقوع الشبع، لابدّ أن يكون مالكاً للطعام .. فإذا عُدِمَت الأسباب الموجبة لوقوع الفعل، فهذا دلالة على تخلف التقوي، لا كلها، بل جزءٌ منها، لأن التقوي، متعددة. رأينا أنّ كلَّ شيءٍ له التقوى الخاص به، ممكن إنسان يريد أن يوقع الرِّي، لكن عنده الطعام، فهل يقع الرِّي؟ لا. لكن يقع ماذا؟ الشبع. فإذن عنده جزءٌ من التقوي.

إذن عندما يتخلف الفعل، دالٌّ على تخلف ماذا؟ وجود التقوي.

إذن عدم وجود القدرة لوقوع الفعل - أي الفعل المطلوب -، هو دلالة على تخلُّف التقوى المطلوبة لذلك الفعل.

فلما يقال، التقوى شرطٌ لوقوع النصر، هل إذا لم يكن عنده الأسباب المُوجِبة لوقوع النصر - ومنه القوة -، هل يقَع النصر؟ لا، لا يقع النصر.

من أين جاء ضلال هذا، حضرة الأستاذ الشيخ؟ جاؤوا من تفسير التقوى على غير معناها الشرعي. فظن أنه بمجرد وجود التصديق بالأمر، هو كافية لوقوع النصر ..

فلمّا نقول لهم - مثلاً - لابدّ من الطريق هذا، لابدّ من أخذ الأسباب، لابدّ من كذا؛ يقول:"لا، لم يذكر الله الأسباب، ولم يذكر شيئاً، وفقط إشترط وجود الإيمان".. والإيمان ماهو عندهم؟ هو التصديق، وليس هو الأخذ بالأسباب الموجِبة لوقوع الفعل ..

لنضرب مثالاً في غير الماديات، من الفعل كذلك، هو حصول الأجر، حصول الأجر - مثلاً - في الصلاة. فلابدّ من الأسباب الموجبة لوقوع الصلاة، لابدّ من الأسباب الموجبة للزكاة .. وآخِر شيء"الجنة".. الجنة لاتكون إلا لمن استجمع التقوى كلها، بإستغراقها، [1] - كما سنفصل في موضوع الإيمان -، لكن إقتضاء الكلام علينا هنا، لأن له ضرورة في مسألة الخطاب العقلي وتخلفه لدى المسلمين، تخلّف الخطاب العقلي لدى المسلمين ..

ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - في كلام معناه:"أن كثيراً من المتكلمين والمتأخرين، عندما يذكر لهم العقل، يفِرُّ منه ولا يحترمه. - وهذا الكلام في"منهاج السنة"-. قال: صار ذكر كلمة العقل عند المسلمين تعني ماذا؟ تعني. الضلال، لتأثرهم بالخوف من فكر المعتزلة، فكل شيءٍ - عندهم - شرعي، فقط لأنه جاء في الشرع، وهم لا يدرون حقائق الأمور"..

هذا موضوع، يكفي إلى هنا، والأمر له توسُّعٌ شديدٌ في موضوع الإيمان، في الحديث عليه إن شاءالله ..

(1) أي، دخول الجنة بلا عذاب وبلا وعيد بالعذاب، لايکون إلا لمن استکمل الإيمان (أصل الإيمان+الإيمان الواجب) ، وستأتي تفاصيل هذا الموضوع، في مبحث الإيمان. ان شاءالله تعالي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام