فهرس الكتاب
الصفحة 13 من 224

نعم! أقول: لأن هذا اللفظ وهو لفظ الإيمان لفظ خطير ولفظ مهم، وقد دخله ككثير من الألفاظ الشرعية ثم العربية، دخله كثير من الدخن، إما بادخال معان ليست منها وإما باخراج معانى شرعية منها ..

قلنا: كثيرٌ من الألفاظ العربية ثم بعد ذلك الشرعية، دخل فيها دخن، أو خرج منها الحق ..

ولابدّ من مقدمة:

الإنسان أسيرٌ لأفكاره، يتحرك حسب ما يعتقد، فإذا وجدتَ إنساناَ يعتقد شيئاً ما، ثم يتصرف على هوى آخر، أو منحى آخر، غير منحى الأفكار الذي يعتنقها، فهناك عوارض تعترض إقبال المرء على العمل بعد فكرته التي يعتنقها ..

كما سنتبين في دراستنا لحركة الإنسان - لنرى توافق حركة الإنسان العادية مع المفاهيم الشرعية، لأن الذي خلق هو الذي أمر -، فسنرى في دراستنا لحركة الإنسان أنّ العمل لا يتم إلا بأمرين، لا يمكن أن يوجد عمل في هذه الدنيا إلا بأمرين، وسنفصل كثيرا عند باب"مفهوم العمل"عند أهل السنة والجماعة، وهو المفهوم الموافق للأمر الكوني القدري الخلقي في داخل حركة الحيوان ..

نقول: العمل، لا يمكن أن ينشأ إلا بوجود الإرادة، والإرادة لا توجد إلا بأمرين، الأمر الأول: العلم، لأنك لا يمكن أن تقبل على أمر تريده إلا بماذا؟ إلا وأنت عالم بهذاالشيء. [1]

-المثال: إنسان يريد أن يشرب، هو يعلم وجود الماء ويحتاج لوجود هذا الشيء، إذن هو عالم بالأمر الذي يقبل عليه، فلا إرادة بلا علم، ثم، ليس فقط العلم، لأنه لابدّ من وجود القوة الدافعة وهي التي تسمى عندنا بمحبة الأمر وهي سلطة اللذة.

إذن، العلوم لدى الإنسان، أولا هو سلطة العلم، ثم سلطة اللذة.

ما هي سلطة اللذة؟ هي القوة الدافعة لديه للإقبال على العمل. فإذا رأيت أمرءا ما، عالما بشيءٍما على حقيقته، أو على حقيقةٍ ما - سواء كانت هذه الحقيقة في ذهنه موافقا للواقع أو حقيقة متوهمة غير موافق للواقع -، وبعد ذلك يقبل على غيرطريق العلم الذي إستقر لديه، فيكون المانع لديه، هو عدم وجود الدافع، عدم وجود القوة الدافعة لديه.

كيف ينشأ الدافع؟ نحن ديننا كله الذي هو مبسوط في الكتاب والسنة، يحدد لنا ما هي الدوافع للإقبال على العمل. فجاء محمد صلى الله عليه وسلم ليقول للناس، هناك جنة - و هذه هي القوة الدافعة للعمل - و هناك نار - و هذه هي القوة الكافحة - لعدم الإقبال على المنهيات.

فالقوة الدافعة، الموافقة لقوة العلم، تشكل الإرادة، وبعد ذلك إذا وجد القوة الدافعة مع قوة العلم ووضوح العلم في ذهنه، تمام الوضوح .. وبعد ذلك - لوقوع العمل حسب الإرادة - لابدّ من عدم وجود الموانع التي تمنع حركة الإنسان بهذا الشيء. إذن لابدّ أن يكون عنده القدرة

(1) راجع: مجموع الفتاوي لإبن تيمية 304/ 9 - قواعد الأحکام في مصالح الأنام (العز بن عبدالسلام) 2/ 102 - أحياء علوم الدين للغزالي 4/ 384 - 385.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام