سببه كالتالي:
قالوا ان الإرادة إذا حدثت في ذات الله، فهي حدثت بزمن، فالإرادة حادثة، عندهم الإرادة حادثة، وحدوث الإرادة في ذات الله دل على حلول الحوادث في ذات الله، والحوادث عندهم هي مخلوقات، - المنطق الأرسطي - ..
القاعدة كالتالي عندهم:"كل حادثٍ مخلوق"، والإرادة - التي هي متعلقة بصفات الفعل - هنا حين تحدث فهي ماذا؟ حادثةٌ .. في النتيجة: الإرادة مخلوقة. (لأن - عندهم - كل حادث مخلوق) . - فيقولون - هل يجوز أن يكون هناك شيءٌ مخلوقٌ في ذات الله، هل يحل شيءٌ في ذات الله من مخلوقاته؟ او هل يحل الله في شيءٍ من مخلوقاته؟ هذا كفر، حلول الحوادث في ذات الله كفرٌ، وحلول الرب (سبحانه) ذاته في مخلوقاته كفر.
فالنتيجة أن الأفعال التي لها تعلق بالإرادة، لا وجود لها، بل هي أزلية، ..
وسنشرحها كثيراً عند كلامنا على كلام الله عند الأشاعرة ..
فهمتم؟ هذا هو سبب هذه المقالة ..
لكن نحن ماذا نرد عليهم؟ سريع جداً! نرد عليهم ونقول: كلمة"حادث"، هذه عند أهل العقل تعني معنيين، المعنى الأول:"المخلوق". لكن هل صحيح كل حادثٍ مخلوق؟ لا، هناك حادث بمعنى الذي له أول. الحادث هنا، الذي له أول ..
فالإرادة حين حدثت في ذات الله، ما معنى حدثت؟ أنها لم تكن، وهو متعلق بالذات والكلام في الصفات، كالكلام في الذات، .. أنها غيرمخلوقة، ولكنها من فعل الرب، والرب عندنا، هو الذي يستطيع أن يفعل ويستطيع أن لا يفعل، هو أقدر من (الذي يفعل، ولا يستطيع أن لا يفعل) ، .. من هو الممدوح عندنا؟ الإنسان الذي عنده القدرة على الكلام وعنده القدرة على السكوت، او الذي عنده القدرة على الكلام وليس له القدرة على السكوت؟ مَن الممدوح لدينا؟ الأول الذي له القدرة على كلا الفعلين ..
فما كان مدحاً في حق المخلوق، فهو مدح أيضاً في حق الخالق، وهو الذي يسمى عند أهل السنة"بالقياس الأولى".. وهو القياس الذي يجوز بين الخالق والمخلوق.، فما كان حقاً وممدوحاً بالنسبة إلينا، فهو كذلك ينبغي أن يكون مدحاً وحقاً في حق الله تعالي .. [1]
(1) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - في القياس الأولي:"مثل أن نعلم أن کل کمال ثبت للمکن أو المحدث، لا نقص فيه بوجه من الوجوه: وهو ما کان کمالاً للموجود غير مستلزم للعدم، فالواجب القديم - اي الله تعالي - أولي به. وکل کمالٍ لا نقص فيه بوجه من الوجوه، ثبت نوعه للمخلوق المربوب المعلول المدبَّر، فإنما استفادة من خالقه وربه ومدبِّره، فهو أحق به منه. وأن کل نقصٍ وعيبٍ في نفسه - وهو ما تضمن سلب هذا الکمال. إذا وجب نفيه عن شيء ما من أنواع المخلوقات والمحدثات والممکنات - فإنه يجب نفيه عن الرب تبارک وتعالي بطريق الأولي. وأنه أحق بالأمور الوجودية من کل موجود، وأما الأمور العدمية، فالممکن، بها أحقّ ونحو ذلک."
ومثل هذه الطرق، هي التي کان يستعملها السلف والأئمة في مثل هذه المطالب کما استعمل نحوها الإمام أحمد ومن قبله وبعده من أئمة أهل الإسلام وبمثل ذلک جاء القرآن في تقرير أصول الدين من مسائل التوحيد والصفات والمعاد ونحو ذلک .." {مجموع الفتاوي 3/ 297 - 298} "