بعض الأئمة الشافعية، - كالإمام الحافظ"زكريا الساجي" (307 ه) - فلعل عقلية الإمام الشافعي الكبيرة المبدعة، كانت سبباً، من أسباب تحول هذه العقلية وإهتداءها إلى فشل وضلال فكر المعتزلة ..
المهم، هذا الرجل، أبوالحسن الأشعري رحمه الله، نشأ معتزلياً وتحول عن فكر الإعتزال، أين تحول؟ الصحيح، أنه لم يتحول مباشرة إلى مذهب أهل السنة والجماعة، أهل الحق، .. الصحيح، أنه قفز بعد ذلك إلى مرتبة ثانية ..
ثانياً: تحول إلى مذهب"ابن كلّاب"عبدالله بن سعيد بن كلّاب" [1] {المتوفى بعد سنة 240 ه} ."
الرجل - ابن كلاب - كان من أهل الكلام، وهو أول من ابتدع بدعة نفي الصفات الإختيارية عن الله سبحانه وتعالى ما معنى هذه العبارة:"نفي الصفات الإختيارية عن الله"؟ نحن عندنا هناك صفات تسمى عندنا"صفات الذات"وعندنا صفات، تسمى"صفات الفعل"، ما الفارق بين هذه الصفات وهذه الصفات؟ الفارق بينهما أن صفات الفعل متعلقة بالإرادة وصفات الذات لا تعلق لها بالإرادة.
الآن، هل الحياة لها تعلق بإرادة الله، يعني ممكن الله تعالى يكون حياً، وإذا أراد أن لا يكون حياً، لا يكون؟! فهذه صفة ذات، لا تنفك عنه، وليست متقيدة بالإرادة ك"السمع والبصر، وأنه الأول والآخر"، هذه صفات ذاتية، لا تعلق لها بالإرادة، لكن هناك صفات متعلقة بالإرادة، وهي تسمى عند أهل السنة والجماعة (بصفات الفعل) ، وهي مثل (الكلام) ، إذا شاء تكلم، وإذا شاء لم يتكلم، وإذا شاء سبحانه وتعالى"استوى على عرشه"، وإذا شاء لم يستوى على عرشه، .. هذه الصفاتت، هي صفات الفعل التي لها تعلق بالإرادة، التي هي صفات الفعل أو الصفات الإختيارية ..
أول من نفاها من؟ ابن كلاب. قيل سمي بهذا الإسم لأنه كان مناظراً شرساً، فإذا ناظر الرجل كلب فيه، كما يكلب الصائد بصيده .. ، فنفي الصفات الإختيارية، أول من جاء به"ابن كلاب".. وتأثر بها بعض أهل السنة، ممن تأثر بهذا المذهب: (ابن فورك، محمدبن الحسن) (406 ه) . تأثر كذلك مِن ابن فورك، تلميذه، وهو"البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي، أبوبكر" (384 - 458 ه) ، الإمام العظيم، صاحب كتاب"الأسماء والصفات"، فيه تأثير من مذهب ابن كلاب، في نفي الصفات الإختيارى عن الله عزوجل ..
الآن نريد أن نفسر لكم لماذا نفى هذا الرجل - ابن كلاب - و أمثاله بعد ذلك من الأشاعرة، لماذا نفوا الصفات الإختيارية، ما هو دافعهم، كما بينا ما دافع نفي القدر عن الله ونسبته إلى الأشخاص، .. هناك دافعٌ فكرِي، تأويل، ما هو سببه؟
(1) أبو محمد، عبدالله بن سعيد بن کلاب، القطان البصري، قال الذهبي: (رأس المتکلمين بالبصرة في زمانه، وکان يلقب کلاباً لأنه کان يجر الخصم إلي نفسه ببيانه وبلاغته .. وأصحابه هم الکلّابية) . وله مصنفات في الرد علي الجهمية والمعتزلة وإن وافقهم في بعض أصولهم .. انظر منهاج السنة (1/ 312) قال شيخ الإسلام: (الکلابية وکذلک الکرامية فيهم قرب إلي أهل السنة والحديث، وإن کان في مقالة کلٍ، من الأقوال ما يخالف أهل السنة والحديث) مجموعة الفتاوي (6//56) . قال الذهبي: (ولم أقع بوفاة ابن کلاب، وقد کان باقياً قبل الأربعين ومئتين) . انظر سير اعلام النبلاء (11/ 174 - 177) .