فأنت تسمع ووجود السمع في حقك مدح، فمن باب الأولى أن يكون مَن خَلَقَك وهو الممدوح، أن يكون سميعاً .. وهكذا في الإرادة وصفات الفعل ..
المهم، أن أبا الحسن الأشعري، تحول من مذهب الإعتزال، لكنه لغلبة مذهب ابن كلاب - وكان كثير من أهل السنة وأهل الحديث قد حملوا هذا المذهب وأخذوا به، ظناً منهم انه المذهب الحق، .. فقفز أبوالحسن إلى مذهب ابن كلاب ظاناً أن هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة .. وكان أبوالحسن بصير العقل، فقفز إلى مذهب ابن كلاب، ما قفز إلى الحق، قفز إلى شيءٍ يظنه الحق ولذلك وقع أبوالحسن في مرتبةٍ وسط ما بين الإعتزال وبين مرتبة أهل السنة والجماعة، مرتبة تحمل كلام أهل السنة والجماعة، لكنها لا تحمل معاني أهل السنة والجماعة .. ، يعني، أبوالحسن مشكلة كبيرة، الأشاعرة ستلاحظون، أنها مشكلة كبيرة .. كلام حق بمعاني باطلة ..
ولذلك قلت في كتابي"رد الأثر المفيد على البيجوريى في شرح جوهرة التوحيد": {أن الأشاعرة حاولوا أن يوفِّقوا، فلفَّقوا فلم يوفَّقوا} .. لفَّقوا معاني باطلة بكلمات حق، لم يصيبوا الحق، فلم يوفّقوا ..
والصحيح أن كثيراً من آراء أبي الحسن الأشعري، هي آراء ابن كلاب، لكن كثيراً، بدا يتحول قليلاً قليلاً - إلى مذهب الحق -، حتّى توفي عليه رحمة الله سنة (324 ه) .
وتقريباً كان في الستين من عمره عندما توفي عليه رحمة الله وعنده بعض الآراء الموافقة لأهل السنة والجماعة، ..
هذه شخصية أبي الحسن الأشعري، لكن أبا الحسن الأشعري لم ينتشر مذهبه كثيراً في حياته، نشر مذهبه رجلٌ اسمه"أبوبكر الباقلاني" {338 - 403 ه} ، كان رجلاً متكلماً، شديد البحث، وكذلك له سطوة وأهمية عند الشافعية، فنشر مذهب أبي الحسن الأشعري، وهو الذي نصر هذا المذهب .. وبقي المذهب يتراوح بين خصومة المعتزلة له، - لأنه خلاف المعتزلة -، وكذلك خصومة أهل الحديث، أهل السنة والجماعة، خاصموه بشدة وخاصموه كثيراً ..
الآن نريد أن نعرف ما هو مذهب الأشاعرة، نريد - حتّى نحكم عليه - أن نعرفه .. لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره وعن معرفته ..
الآن: ماهو مذهب الأشاعرة؟
نمشي مع هؤلاء القوم خطوة خطوة، - إنتبهوا كثيراً، المسألة مهمة، لأنها مجال صراعٍ معاصر -، لنبدأ بالقرآن الكريم.
عقيدة أهل السنة والجماعة، فيما نعتقد، مع عقيدة الأشاعرة.