وأصرح من هذا قوله تعالى: {إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا} وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل أوزار من اتبعه لا ينقص من أوزارهم شيئا ) )، وهذا يدل على أن كفر من اتبعهم إنما هو من أجل اتباعهم وتقليدهم.
القاعدة الخامسة:
التفصيل في المقلدين وهو تفصيل يزول به الإشكال والتفصيل واقع في الوجود وهو كالتالي:
1.بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله.
2.ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه لعجزه عن السؤال ولم يتمكن من العلم بوجه وهم قسمان أيضا:
أحدهما:
مريد للهدى مؤثر له محب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده فهذا حكمه حكم أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة يقول"يا رب لو أعلم لك دينا خيرا مما أنا عليه لدنت به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي"فهو كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزا وجهلا.
الثاني:
معرض لا إرادة له ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه وراض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه، ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته فهو كمن لم يطلب الدين في الفترة بل مات على شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه.
ففرق بين عجز الطالب وعجز المعرض وكلاهما عاجز.
والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهذا مقطوع به في جملة الخلق وأما كون زيد بعينه وعمرو- أي بالنسبة للعاجزين، وأصحاب الفترة - قامت عليه الحجة أم لا فذلك ما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده.
القاعدة السادسة: