مثال عمل القلب: أنْ يظنَّ أنَّ هذا الذي عليه أكثرُ النَّاس، من الاعتقاد في الأحياء والأموات حقٌّ، ويستدِلُّ بكون أكثر النَّاس عليه، فهو كافرٌ مكذِّبٌ للنَّبي? ، ولو لم يتكلَّم بلسانه، ولم يعملْ إلاَّ بالتَّوحيد، وكذلك إذا شكَّ، لا يدري من الحقِّ معه، فهذا لو لم يكذب فهو لم يصدِّق النَّبي? ، فهو يقول عسى الله أَنْ يبيِّن الحقَّ، فهو في شكٍّ، فهو مرتَدٌّ ولو لم يتكلَّم إلاَّ بالتَّوحيد.
ومثال اللِّسان: أنْ يؤمن بالحقِّ ويحبُّه، ويكفُر بالباطل ويبغضُه، ولكنَّه تكلَّم مداراة لأهل الأحساء، ولأهل مكَّة أو غيرهم بوجوههم، خوفاً من شرِّهم، وإمَّا أَنْ يكتُبَ لهم كلاماً يصرِّح لهم بمدحِ ما هم عليه، أو يذكر أَنَّه ترك ما هو عليه، ويظنُّ أَنَّه ماكرٌ بهم، وقلبُه موقِنٌ أَنَّه لا يضرُّه، وهذا أيضاً لغروره.
وهو معنى قول الله تعالى: { مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ } إلى قوله: { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ } فقط لا لتغيُّر عقائدهم.
فمن عرف هذا، عرف أن الخطرَ خطرٌ عظيم شديد، وعرف شدَّة الحاجة للتعلُّم والمذاكرة، وهذا معنى قوله في الإقناع في الرِّدَّة: نطقاً أو اعتقاداً أو شكَّاً أو فعلاً، والله أعلم )) (1) .
وقال كما في"تاريخ ابن غنَّام":
(1) المصدر السابق (10/87، 88) .