فهرس الكتاب
الصفحة 42 من 127

(أحدهما) : معلومٌ بالاضطرار من الدِّين . و (الثاني) : معلوم بالاضطرار من أنفسِنا عند التأمُّل . أمَّا"الأول": فإنَّا نعلم أَنَّ من سبَّ الله ورسولَه طوعاً بغير كَرْه (1) ، بل من تكلَّم بكلمات الكفر طائعاً غير مُكْرَهٍ ، ومن استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافرٌ باطناً وظاهراً ، وإِنَّ من قال: إِنَّ مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمناً بالله وإِنَّما هو كافرٌ في الظَّاهر ، فإنَّه قال قولاً معلوم الفساد بالضَّرورة من الدِّين وقد ذكر الله كلماتِ الكفَّار في القرآن وحكم بكفرهم واستحقاقهم الوعيد بها ولو كانت أقوالهم الكفريَّة بمنزلة شهادةِ الشُّهود عليهم ، أو بمنزلة الإقرار الذي يغلط فيه المقِرُّ لم يجعلهم الله من أهل الوعيد بالشهادة التي قد تكون صِدْقاً وقد تكون كَذِباً ، بل كان ينبغي أَنْ لا يعذِّبهم إلاَّ بشرط صِدْق الشَّهادة وهذا كقوله تعالى: { لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ (2) } { لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } (3) وأمثال ذلك .

(1) أي بغير إكراه بدليل قوله: (( طوعاً بغير كَرْه ) )ولو كان المقصود بغير كُرْه أي بغير بغض - كما ذكر بعضهم - لقال (( حباً بغير كُرْه ) )وأيضاً بدليل قوله بعد ذلك: (( طائعاً غير مكره ) )ثم من تأمّل كلامه رحمه الله في"الفتاوى"يجده دائماً يكرّر قوله طائعاً غير مكره ويستشهد بقوله تعالى: (إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) .

(2) سورة المائدة: 73.

(3) سورة المائدة: 17.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام