ج: اعلمْ أنَّ هذه الأربعة وما شاكلها ليس هي من الكفر العمليّ إلاَّ من جهة كونها واقعةً بعمل الجوارح فيما يظهرُ للنَّاس ، ولكنَّها لا تقع إلاَّ مع ذهاب عملِ القلب من نيَّتِه وإخلاصه ومحبَّته وانقياده لا يبقى معها شيءٌ من ذلك ، فهي وإنْ كانت عمليَّةً في الظَّاهر فإِنَّها مستلزِمَةٌ للكفر الاعتقاديّ ولابدّ ، ولم تكن هذه لتقعَ إلاَّ من منافقٍ مارقٍ أو معاندٍ مارد، وهل حمل المنافقين في غزوة تبوك على أَنْ { قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لمْ يَنَالُوا } إلاَّ ذلك مع قولهم لمَّا سئلوا { إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } ، قال الله تعالى: { قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } ، ونحن لم نعرِّف الكفر الأصغر بالعمليّ مطلقاً ، بل بالعمليّ المَحْضِ الَّذي لم يستلزم الاعتقادَ ولم يناقض قولَ القلب ولا عملَه )) (1)
(1) "أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة" (ص 181-182) مكتبة السوادي للتوزيع، ط1 - 1408هـ.
تعليق: كلامه هنا رحمه الله صريح في التَّفريق بين الكفر العمليّ الذي يخرج من الملَّة والكفر العمليّ الذي لا يخرج من الملَّة فليس كلُّ كفر عمليٍّ يعدُّ كفراً أصغر كما يظن البعض، بل هناك من الكفر العمليّ - أي الوقوع في المكفِّرات القوليَّة والعمليَّة - ما يعدُّ كفراً مخرجاً من الملَّة كما مثَّل الشيخ له بالسُّجود للصَّنم وسبِّ الرَّسول? أمّا الكفر العمليّ الذي لا يخرج من الملّة فهو ما سمّاه الشيخ بالكفر العمليّ المحض الذي لم يستلزم الاعتقاد ولم يناقض قول القلب و لا عمله ، أي أعمال وأقوال غير مكفِّرة وهي ما عرَّفه الشيخ (ص 179) بقوله: هي كلُّ معصية أطلق عليها الشارع اسم الكفر مع بقاء اسم الإيمان على عامله . فتأمَّل! و سيأتي ما يؤيِّد ذلك من جواب اللجنة الدائمة للإفتاء ، والشيخ عبد العزيز بن باز وانظر سادساً في المقدّمة.