فهرس الكتاب
الصفحة 82 من 112

[85] والعصيان، وأن الكافر الشقى من مات على الكفر نعوذ بالله وان كان طول عمره على التصديق والطاعة. على ما أشير إليه بقوله تعالى، فى حق ابليس: «وكان مِن الْكافِرِين [1] وبقوله عليه السلام:

«السعيد من سعد فى بطن أمه، والشقى من شقى فى بطن أمه» أشار الى ابطال ذلك بقوله:

(والسعيد قد يشقى) بأن يرتد بعد الايمان نعوذ بالله (والشقى قد يسعد) بأن يؤمن بعد الكفر: (والتغيير يكون على السعادة والشقاوة. دون الاسعاد والاشقاء. وهما من صفات الله تعالى) لما أن الاسعاد تكوين السعادة، والاشقاء تكوين الشقاوة (ولا تغير على الله تعالى، ولا على صفاته) لما مر: من أن القديم لا يكون محلا للحوادث. والحق: أنه لا خلاف فى المعنى، لأنه ان أريد بالايمان والسعادة: مجرد حصول المعنى، فهو حاصل فى الحال. وان أريد به ما يترتب عليه النجاة والثمرات فهو فى مشيئة الله تعالى، لا قطع بحصوله فى الحال. فمن قطع بالحصول، أراد الأول، ومن فوض الى المشيئة، أراد الثانى.

(وفى ارسال الرسل) جمع رسول. فعول من الرسالة. وهى سفارة العبد بين الله تعالى وبين ذوى الألباب من خليقته ليزيح بها عللهم فيما قصرت عنه عقولهم، من مصالح الدنيا والآخرة وقد عرفت معنى الرسول والنبي فى صدر الكتاب (حكمة) أى مصلحة وعاقبة حميدة. وفى هذا اشارة الى أن الارسال واجب، لا بمعنى الوجوب على الله تعالى، بل بمعنى أن قضية الحكمة تقتضيه لما فيه من الحكم والمصالح، وليس بممتنع، كما زعمت السمنية والبراهمة.

ولا بممكن يستوى طرفاه، كما ذهب إليه بعض المتكلمين.

ثم أشار الى وقوع الارسال وفائدته وطريق ثبوته وتعيين بعض من ثبتت رسالته، فقال: (وقد أرسل الله رسلا من البشر الى البشر مبشرين) لأهل الايمان والطاعة بالجنة والثواب. (ومنذرين) لأهل الكفر والعصيان بالنار والعقاب. فان ذلك مما لا طريق للعقل إليه، وان كان فبأنظار دقيقة لا يتيسر الا لواحد بعد واحد (ومبينين للناس ما يحتاجون إليه من أمور الدنيا والدين) فانه تعالى خلق الجنة

(1) البقرة 24

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام