[70] تعذيب للمؤمنين. والجواب: ان الله تعالى قادر على أن يمكن من العبور عليه ويسهله على المؤمنين، حتى أن منهم من يجوزه كالبرق الخاطف، ومنهم كالريح الهابة، ومنهم كالجواد، الى غير ذلك مما ورد فى الحديث
(والجنة حق، والنار حق) لأن الآيات والأحاديث الواردة فى شأنهما أشهر من أن تخفى، وأكثر من أن تحصى.
وتمسك المنكرون بأن الجنة موصوفة بأن عرضها كعرض السموات والأرض. وهذا فى عالم العناصر محال، وفى عالم الافلاك: (ادخال عالم فى عالم [1] أو عالم آخر خارج عنه، مستلزم لجواز الخرق والالتئام. وهو باطل. قلنا: هذا مبنى على اصلكم الفاسد. وقد تكلمنا عليه فى موضعه(وهما) أى الجنة والنار (مخلوقتان) الآن (موجودتان) تكرير وتوكيد. ورغم أكثر المعتزلة: أنهما انما يخلقان يوم الجزاء. لنا: قصة آدم وحواء عليهما السلام واسكانهما الجنة، والآيات الظاهرة فى اعدادهما. مثل: «أُعِدّتْ لِلْمُتّقِين» [2] و «أُعِدّتْ لِلْكافِرِين» [3] اذ لا ضرورة فى العدول عن الظاهر.
فان عورض بمثل قوله تعالى: «تِلْك الدّارُ الْآخِرةُ نجْعلُها لِلّذِين لا يُرِيدُون عُلُوًّا فِي الْأرْضِ ولا فساداً» [4] .
قلنا: يحتمل الحال والاستمرار. ولو سلم فقصة آدم تبقى سالمة عن المعارض. قالوا: لو كانتا موجودتين الآن، لما جاز هلاك أهل الجنة لقوله تعالى: «أُكُلُها دائِمٌ» [5] لكن اللازم باطل، لقوله تعالى: «كُلُّ شيْءٍ هالِكٌ إِلّا وجْههُ» [6] .
قلنا: لا خفاء فى انه لا يمكن دوام أكل الجنة بعينه وانما المراد بالدوام أنه اذا فنى منه شيء جيء ببدله وهذا لا ينافى الهلاك لحظة.
على أن الهلاك لا يستلزم الفناء، بل يكفى الخروج عن الانتفاع به.
ولو سلم فيجوز أن يكون المراد «أن كل شيء ممكن [7] » فهو هالك فى حد ذاته. بمعنى أن الوجود الامكانى بالنظر الى الوجود الواجبى،
(1) سقط خ.
(2) آل عمران 133
(3) البقرة 24
(4) القصص 82
(5) الرعد 35
(6) القصص 88
(7) كل ممكن: خ.