[108] فى النار، يأس من الله تعالى وبأن المطيع يكون فى الجنة أمن من الله. فيلزم أن يكون المعتزلى كافرا، مطيعا كان أو عاصيا.
لأنه اما آمن أو آيس.
ومن قواعد أهل السنة: أن لا يكفر أحد من أهل القبلة. قلنا:
هذا ليس بيأس ولا أمن، لأنه على تقدير العصيان، لا ييأس أن يوفقه الله تعالى للتوبة والعمل الصالح. وعلى تقدير الطاعة لا يأمن أن يخذله الله، فيكتسب المعاصى. وبهذا يظهر الجواب عما قيل: ان المعتزلى اذا ارتكب كبيرة، لزم أن يصير كافرا، ليأسه من رحمة الله تعالى، ولاعتقاده أنه ليس بمؤمن. وذلك لأنا لا نسلم أن اعتقاد استحقاقه النار، يستلزم اليأس، وان اعتقاد عدم ايمانه المفسر بمجموع التصديق والاقرار والأعمال، بناء على انتفاء الأعمال، يوجب الكفر. هذا والجمع بين قولهم لا يكفر أحد من أهل القبلة، وقولهم يكفر من قال بخلق القرآن، واستحالة الرؤية أو سب الشيخين، أو لعنهما وأمثال ذلك: مشكل [1] .
(وتصديق الكاهن بما يخبره عن الغيب كفر) لقوله عليه السلام: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد عليه السلام» والكاهن هو الّذي يخبر عن الكوائن فى مستقبل الزمان، ويدعى معرفة الأسرار ومطالعة علم الغيب. وكان فى العرب كهنة يدعون معرفة الأمور، فمنهم من كان يزعم أن له رئيا من الجن، وتابعة، تلقى إليه الأخبار. ومنهم من كان يدعى أنه يستدرك الأمور بفهم أعطيه. والمنجم اذا ادعى العلم بالحوادث الآتية فهو مثل الكاهن.
وبالجملة: العلم بالغيب أمر تفرد به الله تعالى، لا سبيل إليه للعباد، الا باعلام منه تعالى، وإلهام بطريق المعجزة أو الكرامة أو ارشاد الى استدلال بالامارات فيما يمكن ذلك فيه.
ولهذا ذكر فى الفتاوى أن قول القائل عند رؤية هالة القمر «يكون المطر» [2] مدعيا علم الغيب لا بعلامة: كفر. والله أعلم.
(1) ليس مشكلا على رأى المعتزلة. فقد جملوه فاسقا.
(2) المطر: ط.