فهرس الكتاب
الصفحة 40 من 112

[43] لما أن ذلك أليق بكمال التوحيد، ولأنه لا دليل على تكثر كل منها فى نفسها.

فان قيل: هذه أقسام للكلام لا يعقل وجوده بدونها. قلنا:

أنه [1] ممنوع، بل انما يصير أحد تلك الأقسام عند التعلقات. وذلك فيما لا يزال [2] . وأما فى الأزل فلا انقسام أصلا.

وذهب بعضهم: الى انه فى الأزل خبر، ومرجع الكل إليه. لأن حاصل الأمر: اخبار عن استحقاق الثواب على الفعل، والعقاب على الترك. والنهى على العكس. وحاصل الاستخبار: الخبر عن طلب الاعلام. وحاصل النداء: الخبر عن طلب الاجابة. ورد بأنا نعلم اختلاف هذه المعانى بالضرورة، واستلزام البعض للبعض لا يوجب الاتحاد.

فان قيل: الأمر والنهى بلا مأمور ولا منهى [3] ، سفه وعبث.

والاخبار فى الأزل بطريق المضى، كذب محض يجب تنزيه الله تعالى عنه. قلنا: ان لم نجعل كلامه فى الأزل أمرا ونهيا وخبرا، فلا أشكال. وان جعلناه، فالأمر فى الأزل لايجاب تحصيل المأمور به فى وقت وجود المأمور وصيرورته أهلا لتحصيله. فيكفى وجود المأمور فى علم الآمر، كما اذا قدر الرجل ابنا له، فأمره بأن يفعل كذا بعد الوجود، والاخبار بالنسبة الى الأزل لا يتصف بشيء من الأزمنة، اذ لا ماضى ولا مستقبل ولا حال بالنسبة الى الله تعالى، لتنزيهه عن الزمان، كما أن علمه أزلى لا يتغير بتغير الأزمان.

ولما صرح بأزلية الكلام، حاول التنبيه على ان القرآن أيضا قد يطلق على هذا الكلام النفسى القديم، كما يطلق على النظم المتلو الحادث. فقال: (والقرآن كلام الله تعالى غير مخلوق) وعقب القرآن بكلام الله، لما ذكره المشايخ من أنه يقال: القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق. ولا يقال: القرآن غير مخلوق، لئلا يسبق الى الفهم أن المؤلف من الأصوات والحروف قديم. كما ذهب إليه الحنابلة جهلا أو عنادا، وأقام غير المخلوق مقام غير الحادث، تنبيها

(1) انه: ط.

(2) لا يزال الكلام: خ.

(3) ومنهى: خ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام