فهرس الكتاب
الصفحة 41 من 112

[44] على اتحادهما، وقصدا الى جرى الكلام على وفق الحديث، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق» [1] .

ومن قال انه مخلوق، فهو [2] كافر بالله العظيم. وتنصيصا على [3] محل الخلاف بالعبارة المشهورة فيما بين الفريقين، وهو أن القرآن مخلوق أو غير مخلوق. ولهذا تترجم المسألة، بمسألة خلق القرآن.

وتحقيق الخلاف بيننا وبينهم: يرجع الى اثبات الكلام النفسى ونفيه، والا فنحن لا نقول بقدم الألفاظ والحروف، وهم لا يقولون بحدوث كلام نفسى. ودليلنا ما مر أنه ثبت بالاجماع وتواتر النقل عن الأنبياء صلوات الله عليهم أنه متكلم، ولا معنى له سوى أنه متصف بالكلام، ويمتنع قيام اللفظى الحادث بذاته تعالى. فتعين النفسى القديم.

وأما استدلالهم بأن القرآن متصف بما هو من صفات المخلوق، وسمات الحدوث من التأليف والتنظيم والانزال والتنزيل، وكونه عربيا مسموعا فصيحا معجزا. الى غير ذلك فانما يقوم حجة على الحنابلة لا علينا. لأنا قائلون بحدوث التنظيم وانما الكلام فى المعنى القديم. والمعتزلة لما لم يمكنهم انكار كونه تعالى متكلما ذهبوا الى أنه متكلم بمعنى ايجاد الأصوات والحروف فى محالها، أو ايجاد أشكال الكتابة فى اللوح المحفوظ، وان لم يقرأ على اختلاف بينهم.

وأنت خبير بأن المتحرك: من قامت به الحركة، لا من أوجدها، والا لصح اتصاف البارى بالأعراض المخلوقة له [4] تعالى عن ذلك علوا كبيرا ومن أقوى شبه المعتزلة: انكم متفقون على أن القرآن اسم لما نقل إلينا، بين دفتى المصاحف تواترا. وهذا يستلزم كونه مكتوبا فى المصاحف، مقروءا بالألسن، مسموعا بالأذان. وكل ذلك من سمات الحدوث بالضرورة فأشار الى الجواب بقوله: (وهو) أى القرآن الّذي هو كلام الله تعالى (مكتوب فى مصاحفنا) أى بأشكال الكتابة وصور الحروف الدالة عليه (محفوظ فى قلوبنا) أى

(1) يستدل المعتزلة بقوله تعالى: «ما يأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ ربِّهِمْ مُحْدثٍ» .

(2) فهو: ط.

(3) على أن: خ.

(4) له: ط والمعنى: نسبتها الى.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام