[30] بمعنى أنه لو فرض صانعان لأمكن بينهما تمانع فى الأفعال، غلم يكن أحدهما صانعا، فلم يوجد مصنوع. لأنا نقول: امكان التمانع لا يستلزم الا عدم تعدد الصانع، وهو لا يستلزم انتفاء المصنوع، على أنه يرد منع الملازمة ان أريد عدم التكون بالفعل، ومنع انتفاء اللازم ان أريد بالامكان.
فان قيل: مقتضى كلمة «لو» أن انتفاء الثانى فى الزمان الماضى، بسبب انتفاء الأول، فلا يفيد الا الدلالة على ان انتفاء الفساد فى الزمان الماضى، بسبب انتفاء التعدد. قلنا: نعم بحسب أصل اللغة. لكن قد تستعمل للاستدلال بانتفاء الجزاء على انتفاء الشرط، من غير دلالة على تعيين زمان، كما فى قولنا:
لو كان العالم قديما، لكان غير متغير. والآية من هذا القبيل.
وقد يشتبه على بعض الأذهان أحد الاستعمالين بالآخر، فيقع الخبط.
(القديم) هذا تصريح بما علم التزاما اذ الواجب لا يكون الا قديما أى لا ابتداء لوجوده، اذ لو كان حادثا مسبوقا بالعدم، لكان وجوده من غيره ضرورة. حتى وقع فى كلام بعضهم: ان الواجب والقديم مترادفان. لكنه ليس بمستقيم، للقطع بتغاير المفهومين. وانما الكلام فى التساوى بحسب الصدق. فان بعضهم على أن القديم أعم من الواجب [1] ، لصدقه على صفات الواجب، بخلاف الواجب [2] ، فانه لا يصدق عليها، ولا استحالة فى تعدد الصفات القديمة، وانما المستحيل تعدد الذوات القديمة.
وفى كلام بعض المتأخرين كالإمام حميد الدين الضرير رحمه الله ومن تبعه، تصريح بأن واجب الوجود لذاته هو الله تعالى وصفاته. واستدلوا على أن كان ما هو قديم فهو واجب لذاته. بأنه لو لم يكن واجبا لذاته، لكان جائز العدم فى نفسه، فيحتاج فى وجوده الى مخصص، فيكون محدثا اذ لا نعنى بالمحدث الا ما يتعلق وجوده بايجاد شيء آخر.
(1) من الواجب: خ.
(2) بخلاف الواجب: ط.