[31] ثم اعترضوا بأن الصفات لو كانت واجبة لذاتها لكانت باقية.
والبقاء معنى فيلزم قيام المعنى بالمعنى. فأجابوا: بأن كل صفة، فهى باقية، ببقاء هو نفس تلك الصفة. وهذا كلام فى غاية الصعوبة فان القول بتعدد الواجب لذاته. مناف للتوحيد. والقول بامكان الصفات، ينافى قولهم بأن كل ممكن فهو حادث. فان زعموا بأنها قديمة بالزمان، بمعنى عدم المسبوقية بالعدم وهذا لا ينافى الحدوث الذاتى، بمعنى الاحتياج الى ذات الواجب فهو قول بما ذهب إليه الفلاسفة من انقسام كل من القدم والحدوث الى الذاتى والزمانى. وفيه رفض لكثير من القواعد. وسيأتى لهذا زيادة تحقيق.
الحى القادر العليم السميع البصير الشائى
(الحى القادر العليم السميع البصير الشائى) أى المريد لأن بديهية العقل جازمة بأن محدث العالم على هذا النمط البديع والنظام المحكم مع ما يشتمل عليه من الأفعال المتقنة، والنقوش المستحسنة، لا يكون بدون هذه الصفات. على أن أضدادها نقائص، يجب تنزيه الله تعالى عنها. وأيضا قد ورد الشرع بها وبعضها مما لا يتوقف ثبوت الشرع عليها فيصح التمسك بالشرع فيها كالتوحيد، بخلاف وجود الصانع وكلامه ونحو ذلك مما يتوقف ثبوت الشرع عليه (ليس بعرض) لأنه لا يقوم بذاته بل يفتقر الى محل يقومه فيكون ممكنا، ولأنه يمتنع بقاؤه والا لكان البقاء معنى قائما به، فيلزم قيام المعنى بالمعنى. وهو محال. لأن قيام العرض بالشيء. معناه: ان تحيزه تابع لتحيزه، والعرض لا تحيز له بذاته، حتى يتحيز غيره بتبعيته. وهذا مبنى على أن بقاء الشيء معنى زائد على وجوده، وان القيام معناه التبعية فى التحيز.
والحق: أن البقاء استمرار الوجود وعدم زواله. وحقيقته:
الوجود من حيث النسبة الى الزمان الثانى. ومعنى قولنا وجد فلم يبق: أنه حدث فلم يستمر وجوده فلم يكن ثابتا فى الزمان الثانى، وأن القيام هو الاختصاص الباعث، كما فى أوصاف البارى تعالى، وأن انتفاء الأجسام فى كل آن ومشاهدة بقائها بتجدد الأمثال، ليس بأبعد من ذلك فى الأعراض.