[92] وأجيب: بأن المراد الرؤيا بالعين. والمعنى ما فقد جسده عن الروح، بل كان مع روحه. وكان المعراج للروح والجسد جميعا.
وقوله (بشخصه) اشارة الى الرد على من زعم أنه كان للروح فقط.
ولا يخفى أن المعراج فى المنام أو بالروح ليس مما ينكر كل الانكار.
والكفرة أنكروا أمر المعراج غاية الانكار، بل وكثيرون من المسلمين قد ارتدوا بسبب ذلك.
وقوله: (الى السماء) اشارة الى الرد على من زعم أن المعراج فى اليقظة، لم يكن الا الى بيت المقدس [1] ، على ما نطق به الكتاب.
وقوله: (ثم الى ما شاء الله تعالى) اشارة الى اختلاف أقوال السلف. فقيل: الى الجنة. وقيل: الى العرش. وقيل: الى فوق العرش: وقيل: الى طرف العالم. فالاسراء وهو من المسجد الحرام الى بيت المقدس، قطعى ثبت بالكتاب. والمعراج من الأرض الى السماء مشهور. ومن السماء الى الجنة أو العرش أو غير ذلك: آحاد. ثم الصحيح: انه عليه السلام انما راى ربه بفؤاده لا بعينه.
(وكرامات الأولياء حق) والولى: هو المعارف بالله تعالى وصفاته، بحسب ما يمكن المواظب على الطاعات المجتنب عن المعاصى، المعرض عن الانهماك فى اللذات والشهوات. وكرامته ظهور أمر خارق للعادة من قبله غير مقارن لدعوى النبوة، فما لا يكون مقرونا بالايمان والعمل الصالح، يكون استدراجا. وما يكون مقرونا بدعوى النبوة يكون معجزة.
والدليل على حقيقة الكرامة: ما تواتر عن كثير من الصحابة ومن بعدهم، بحيث لا يمكن انكاره. خصوصا الأمر المشترك.
وان كانت التفاصيل آحادا. وأيضا: الكتاب ناطق بظهورها من «مريم» ومن صاحب «سليمان» عليه السلام وبعد ثبوت الوقوع لا حاجة الى اثبات الجواز.
(1) المسجد الاقصى بنى فى عهد عمر رضى الله عنه سنة 15 هـ وقد أسرى بالنبى صلى الله عليه وسلم من مكان المسجد الحرام أى من مكة، الى مكان المسجد الاقصى أى مدينة القدس. (راجع مبحث اثبات النبوة فى كتاب النبوات لفخر الدين الرازى) .