(والمعدوم ليس بشيء) ان أريد بالشيء الثابت المتحقق على ما ذهب إليه المحققون من أن الشيئية ترادف الوجود والثبوت، والعدم يرادف النفى. وهذا حكم ضرورى لم ينازع فيه الا المعتزلة القائلون بأن المعدوم الممكن: ثابت فى الخارج. وان أريد أن المعدوم لا يسمى شيئا، فهو بحث لغوى مبنى على تفسير الشيء: أنه الموجود أو المعدوم أو ما يصح أن يعلم أو يخبر عنه. فالمرجع الى النقل وتتبع موارد الاستعمال.
(وفى دعاء الأحياء للأموات وتصدقهم) أى تصدق الأحياء (عنهم) أى عن الأموات (نفع لهم) أى للأموات، خلافا للمعتزلة تمسكا بأن القضاء لا يتبدل، وكل نفس مرهونة بما كسبت، والمرء مجرى بعمله لا بعمل غيره. ولنا: ما ورد فى الأحاديث الصحاح من الدعاء للأموات، خصوصا فى صلاة الجنازة. وقد توارثه السلف، فلو لم يكن للأموات نفع فيه لما كان له معنى. قال صلى الله عليه وسلم: «ما من ميت يصلى عليه أمة من المسلمين، يبلغون مائة كلهم، يشفعون له الا شفعوا فيه» وعن سعد بن عبادة، أنه قال: يا رسول الله ان أم سعد ماتت. فأى الصدقة أفضل؟ قال:
«الماء» فحفر بئرا. وقال: هذه لأم سعد.
وقال عليه السلام: «الدعاء يرد البلاء، والصدقة تطفئ غضب الرب» وقال عليه السلام: «ان العالم والمتعلم اذا مرا على قرية، فان الله يرفع العذاب عن مقبرة تلك القرية، أربعين يوما» والأحاديث والآثار فى هذا الباب، أكثر من أن تحصى.
(والله تعالى يجيب الدعوات، ويقضى الحاجات) لقوله تعالى: «ادْعُونِي أسْتجِبْ لكُمْ» [1] ولقوله عليه السلام:
«يستجاب للعبد ما لم يدع. باثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل» ولقوله عليه السلام: «ان ربكم حي كريم، يستحى من عبده اذا رفع يديه إليه، أن يردهما صفرا» .
(1) فصلت 60