فهرس الكتاب
الصفحة 62 من 112

[65] أولى من تفسيره بما يتغذى به الحيوان، لخلوه عن معنى الاضافة الى الله تعالى، مع أنه معتبر فى مفهوم الرزق. وعند المعتزلة: الحرام ليس برزق، لأنهم فسروه تارة بمملوك يأكله المالك، وتارة بما لا يمنع من [1] الانتفاع به. وذلك لا يكون الا حلالا، لكن يلزم على الأول أن لا يكون ما يأكله الدواب رزقا. وعلى الوجهين ان من أكل الحرام طول عمره، لم يرزقه الله تعالى أصلا. ومبنى هذا الاختلاف على أن الاضافة الى الله تعالى معتبرة فى معنى الرزق، وأنه لا رازق الا الله وحده، وأن العبد يستحق الذم والعقاب على أكل الحرام. وما يكون مستندا الى الله تعالى، لا يكون قبيحا، ومرتكبه لا يستحق الذم والعقاب. والجواب: ان ذلك لسوء مباشرة أسبابه، باختياره.

(وكل يستوفى رزق نفسه حلالا كان أو حراما) لحصول التغذى بهما جميعا (ولا يتصور أن لا يأكل انسان رزقه أو يأكل غيره رزقه) لأن ما قدره الله غذاء لشخص، يجب أن يأكله، ويمتنع أن يأكله غيره. وأما بمعنى الملك فلا يمتنع.

(والله تعالى يضل من يشاء ويهدى من يشاء) بمعنى خلق الضلالة والاهتداء، لأنه الخالق وحده. وفى التقيد بالمشيئة اشارة الى أنه ليس المراد بالهداية بيان طريق الحق، لأنه عام فى حق الكل، ولا الاضلال عبارة عن وجدان العبد ضالا أو تسميته ضالا، اذ لا معنى لتعليق ذلك بمشيئة الله تعالى.

نعم قد تضاف الهداية الى النبي عليه السلام مجازا بطريق التسبب، كما تسند الى القرآن. وقد يسند الاضلال الى الشيطان مجازا، كما يسند الى الأصنام، ثم المذكور فى كلام المشايخ أن الهداية عندنا خلق الاهتداء. ومثل هداه الله تعالى فلم يهتد: مجاز عن الدلالة والدعوة الى الاهتداء. وعند المعتزلة بيان طريق الصواب. وهو باطل، لقوله تعالى: «إِنّك لا تهْدِي منْ أحْببْت» [2] ولقوله عليه السلام «اللهم اهد قومى» مع انه بين الطريق ودعاهم [3] الى الاهتداء. والمشهور: ان الهداية عند المعتزلة هى الدلالة

(1) من: ط.

(2) القصص 56

(3) ودعا: خ.

[66] الموصلة الى المطلوب. وعندنا: الدلالة على طريق يوصل الى المطلوب، سواء حصل الموصول والاهتداء أو لم يحصل.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام