[45] بالألفاظ المخيلة (مقروء بألستنا) بالحروف الملفوظة المسموعة (مسموع بآذاننا) بذلك أيضا (غير حال فيها) أى مع ذلك ليس حالا فى المصاحف ولا فى القلوب والألسنة والآذان، بل هو معنى قديم قائم بذات الله تعالى، يلفظ ويسمع بالنظم الدال عليه، ويحفظ بالنظم المخيل، ويكتب بنقوش وصور [1] وأشكال موضوعة للحروف الدالة عليه. كما يقال: النار جوهر محرق تذكر باللفظ وتكتب بالقلم، ولا يلزم منه كون حقيقة النار صوتا وحرفا.
وتحقيقه أن للشئ وجودا فى الأعيان، ووجودا فى الأذهان، ووجودا فى العبارة، ووجودا فى الكتابة. والكتابة تدل على العبارة.
وهى [2] على ما فى الأذهان. وهو على ما فى الأعيان. فيحث بوصف القرآن بما هو من لوازم القديم، كما فى قولنا: القرآن غير مخلوق. فالمراد: حقيقته الموجودة فى الخارج. وحيث يوصف بما هو من لوازم المخلوقات والمحدثات، يراد به الألفاظ المنطوقة والمسموعة. كما فى قولنا: قرأت نصف القرآن. أو المخيلة كما فى قولنا: حفظت القرآن، أو الأشكال المنقوشة، كما فى قولنا:
يحرم للمحدث مس القرآن. ولما كان دليل الأحكام الشرعية هو اللفظ دون المعنى القديم، عرفه [3] أئمة الأصول: بالمكتوب فى المصاحف، المنقول بالتواتر. وجعلوه اسما للنظم والمعنى جميعا أى للنظم من حيث الدلالة على المعنى، لا لمجرد المعنى.
الكلام القديم الّذي هو صفة الله تعالى
أما الكلام القديم الّذي هو صفة [4] الله تعالى. فذهب «الأشعرى» الى أنه يجوز أن يسمع. ومنعه الأستاذ «أبو إسحاق الأسفرايني» وهو اختيار الشيخ «أبى منصور» رحمه الله فمعنى قوله تعالى: «حتّى يسْمع كلام اللهِ» [5] يسمع ما يدل عليه.
كما يقال: سمعت علم فلان. فموسى عليه السلام سمع صوتا، دالا على كلام الله تعالى. لكن لما كان بلا واسطة الكتاب والملك، خص باسم الكليم.
فان قيل: لو كان كلام الله تعالى حقيقة فى المعنى القديم،
(1) وصور: ط.
(2) وهى: ط والعبارة: خ.
(3) أهل: خ.
(4) صنع: خ صفة: ط.
(5) التوبة 6.