فهرس الكتاب
الصفحة 39 من 112

[42] والدليل على ثبوت صفة الكلام: اجماع الأمة وتواتر النقل عن الأنبياء عليهم السلام انه تعالى متكلم [1] ، مع القطع باستحالة التكلم من غير ثبوت صفة الكلام.

فثبت: أن لله تعالى صفات ثمانية: هى: العلم والقدرة، والحياة، والسمع، والبصر، والإرادة، والتكوين، والكلام.

ولما كان فى الثلاثة الأخيرة زيادة نزاع وخفاء، كرر الاشارة الى اثباتها وقدمها. وفصل الكلام بعض التفصيل فقال: (وهو) أى الله تعالى (متكلم بكلام، هو صفة له) ضرورة امتناع اثبات المشتق للشئ من غير قيام مأخذ الاشتقاق به. وفى هذا رد على المعتزلة، حيث ذهبوا الى أنه متكلم بكلام هو قائم بغيره، ليس صفة له (أزلية) ضرورة امتناع قيام الحوادث بذاته (ليس من جنس الحروف والأصوات) ضرورة أنها أعراض حادثة مشروط حدوث بعضها بانقضاء البعض، لأن امتناع التكلم بالحرف الثانى بدون انقضاء الحرف الأول بديهى. وفى هذا رد على الحنابلة والكرامية القائلين بأن كلامه تعالى عرض من جنس الأصوات والحروف، ومع ذلك فهو قديم (وهو) أى الكلام (صفة) أى معنى قائم بالذات (منافية للسكوت) الّذي هو ترك التكلم مع القدرة عليه (والآفة) التى هى عدم مطاوعة الآلات اما بحسب الفطرة كما فى الخرس [2] ، أو بحسب ضعفها وعدم بلوغها حد القوة، كما فى الطفولية.

فان قيل: هذا الكلام [3] انما يصدق على الكلام اللفظى، دون الكلام النفسى. اذ السكوت والخرس انما ينافى التلفظ. قلنا:

المراد السكوت والآفة الباطنيان، بأن لا يريد فى نفسه التكلم، أو لا يقدر على ذلك. فكما ان الكلام لفظى ونفسى، فكذا ضده.

أعنى السكوت والخرس (والله تعالى متكلم بها آمرناه مخبر) يعنى أنه صفة واحدة تتكثر الى الأمر والنهى والخبر، باختلاف التعلقات. كالعلم والقدرة وسائر الصفات. فان كلا منها، صفة واحدة قديمة، والتكثر والحدوث انما هو فى

المتعلقات والاضافات،

(1) تكلم: خ.

(2) الحركة: خ الخرس: ط.

(3) الكلام: ط.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام