[84] قلنا: المراد أن ثمرات الاسلام وعلاماته ذلك. كما قال عليه السلام لقوم وفدوا عليه: «تدرون ما الايمان بالله وحده؟» .
فقالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «شهادة أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله، واقام الصلاة، وايتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس» وكما قال صلى الله عليه وسلم:
«الايمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله الا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» .
واذا وجد من العبد التصديق والاقرار صح له أن يقول:
(أنا مؤمن حقا) لتحقيق الايمان له.
(ولا ينبغى أن يقول: أنا مؤمن ان شاء الله) لأنه ان كان للشك فهو كفر لا محالة. وان كان للتأدب، واحالة الأمور الى مشيئة الله تعالى، أو للشك فى العاقبة والمآل، لا فى الآن والحال، أو للتبرك بذكر الله تعالى، أو للتبري عن تزكية نفسه والاعجاب بحاله فالأولى تركه، لما أنه يوهم الشك.
ولهذا قال: ولا ينبغى دون أن يقول: لا يجوز، لأنه اذا لم يكن للشك، فلا معنى لنفى الجواز. كيف؟ وقد ذهب إليه كثير من السلف، حتى الصحابة والتابعين. وليس هذا مثل قولك:
أنا شاب ان شاء الله، لأن الشباب ليس من الأفعال المكتسبة، ولا مما يتصور البقاء عليه فى العاقبة والمآل، ولا مما يحصل به تزكية النفس والاعجاب، بل مثل قولك: أنا زاهد متق ان شاء الله.
وذهب بعض المحققين: الى أن الحاصل للعبد هو حقيقة التصديق الّذي به يخرج عن الكفر، لكن التصديق فى نفسه قابل للشدة والضعف، وحصول التصديق الكامل المنجى المشار إليه بقوله تعالى: «أُولئِك هُمُ الْمُؤْمِنُون حقًّا. لهُمْ درجاتٌ عِنْد ربِّهِمْ ومغْفِرةٌ ورِزْقٌ كرِيمٌ» [1] انما هو فى مشيئة الله تعالى، ولما نقل عن بعض الأشاعرة: أنه يصح أن يقال: أنا مؤمن ان شاء الله بناء على أن العبرة فى الايمان والكفر، والسعادة والشقاوة بالخاتمة. حتى أن المؤمن السعيد من مات على الايمان، وان كان طول عمره على الكفر
(1) الأنفال 4