[74] الجناية لا يحتمل الاباحة، ورفع الحرمة أصلا، فلا يحتمل العفو ورفع الغرامة. وأيضا: الكافر يعتقده كفرا [1] حقا، ولا يطلب له عفوا أو مغفرة، فلم يكن العفو عنه حكمة. وأيضا: هو اعتقاد الأبد، فيوجب جزاء الأبد، وهذا بخلاف سائر الذنوب.
(ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [2] من الصغائر والكبائر) مع التوبة أو بدونها، خلافا للمعتزلة. وفى تقرير الحكم ملاحظة للآية الدالة على ثبوته، الآية والأحاديث فى هذا المعنى كثيرة.
والمعتزلة يخصونها بالصغائر وبالكبائر، المقرونة بالتوبة.
وتمسكوا بوجهين:
الأول: الآيات والاحاديث الواردة فى وعيد العصاة. والجواب:
انها على تقدير عمومها انما تدل على الوقوع دون الوجوب، وقد كثرت النصوص فى العفو، فيخصص المذنب المغفور من عمومت الوعيد. وزعم بعضهم: ان الخلف فى الوعيد، كرم فيجوز من الله تعالى. والمحققون: على خلافه. كيف؟ وهو تبديل للقول. وقد قال الله تعالى: «ما يُبدّلُ الْقوْلُ لديّ» [3] .
الثانى: ان المذنب اذا علم أنه لا يعاقب على ذنبه، كان ذلك تقريرا له على الذنب، واغراء للغير عليه. وهذا ينافى حكمة ارسال الرسل. والجواب: ان مجرد جواز العفو، لا يوجب ظن عدم العقاب، فضلا عن العلم. كيف؟ والعمومات الواردة فى الوعيد المقرونة بغاية من التهديد، ترجح جانب الوقوع بالنسبة الى كل واحد.
وكفى به زاجرا (ويجوز العقاب على الصغيرة) سواء اجتنب مرتكبها الكبيرة أم لا، لدخولها تحت قوله تعالى: «ويغْفِرُ ما دُون ذلِك لِمنْ يشاءُ» [4] ولقوله تعالى: «لا يُغادِرُ صغِيرةً ولا كبِيرةً
(1) كفرا: خ.
(2) النص يحتمل لمن يشاء توبة.
(3) ق 29
(4) النساء 116