[26] لها أسماء مخصوصة. والا ظهر أن ما عدا الأكوان لا يعرض الا للأجسام. واذا تقرر أن العالم أعيان وأعراض. والأعيان أجسام وجواهر، فنقول: الكل حادث. أما الأعراض فبعضها بالمشاهدة، كالحركة بعد السكون، والضوء بعد الظلمة، والسواد بعد البياض. وبعضها بالدليل، وهو طريان العدم، كما فى أضداد ذلك. فان القدم ينافى العدم، لأن القديم ان كان واجبا لذاته، فظاهر، والا لزم استناده إليه بطريق الايجاب، اذ الصادر عن الشيء بالقصد والاختيار، يكون حادثا بالضرورة. والمستند الى الموجب القديم قديم. ضرورة امتناع تخلف المعلول عن العلة.
وأما الأعيان فلأنها لا تخلو عن الحوادث. وكل ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث.
أما المقدمة الاولى: فلأنها لا تخلو عن الحركة والسكون.
وهما حادثان، وأما عدم الخلو فيهما فلأن الجسم أو الجوهر، لا يخلو عن الكون فى حيز. فان كان مسبوقا بكون آخر فى ذلك الحيز بعينه فهو ساكن، وان لم يكن مسبوقا يكون آخر فى ذلك الحيز، بل فى حيز آخر، فمتحرك. وهذا معنى قولهم: الحركة كونا فى آنين فى مكانين، والسكون كونان فى آنين فى مكان واحد.
فان قيل: يجوز أن لا يكون مسبوقا بكون آخر أصلا، كما فى آن الحدوث، فلا يكون متحركا، كما لا يكون ساكنا. قلنا: هذا المنع لا يضرنا لما فيه من تسليم المدعى. على أن الكلام فى الأجسام، التى تعددت فيها الأكوان، وتجددت عليها الأعصار والازمان. واما حدوثهما فلأنهما من الأعراض وهى غير باقية، ولأن ماهية الحركة لما فيها من الانتقال من حال الى حال، يقتضي المسبوقية بالغير، والأزلية تنافيها. ولأن كل حركة فهى على التقضى وعدم الاستقرار. وكل سكون فهو جائز الزوال، لأن كل جسم فهو قابل للحركة بالضرورة. وقد عرفت أن ما يجوز عدمه يمتنع قدمه.
وأما المقدمة الثانية: فلأن ما لا يخلو عن الحوادث لو ثبت فى الأزل، لزم ثبوت الحادث فى الأزل. وهو محال.