[27] وهاهنا أبحاث:
الأول: أنه لا دليل على انحصار الأعيان فى الجواهر والأجسام، وأنه يمتنع وجود ممكن يقوم بذاته، ولا يكون متحيزا أصلا، كالعقول والنفوس المجردة التى يقول بها الفلاسفة. والجواب:
ان المدعى حدوث ما ثبت وجوده بالدليل عن الممكنات وهو الأعيان المتحيزة والأعراض. لأن أدلة وجود المجردات غير تامة، على ما بين فى المطولات.
الثانى: ان ما ذكر لا يدل على حدوث جميع الأعراض.
اذ منها ما لا يدرك بالمشاهدة حدوثه، ولا حدوث أضداده كالأعراض القائمة بالسماوات من الأشكال والامتدادات والأضواء. والجواب:
ان هذا غير مخل بالغرض. لأن حدوث الاعيان يستدعى حدوث الأعراض، ضرورة أنها لا تقوم الا بها.
الثالث: ان الأزل ليس عبارة عن حالة مخصوصة، حتى [1] يلزم من وجود الجسم فيها، وجود الحوادث فيها، بل هو عبارة عن عدم الأولية، أو عن استمرار الوجود فى أزمنة مقدرة، غير متناهية فى جانب الماضى.
ومعنى أزلية الحركات الحادثة: أنه ما من حركة الا وقبلها حركة أخرى لا الى بداية. وهذا هو مذهب الفلاسفة. وهم يسلّمون أنه لا شيء من جزئيات الحركات بقديم، وانما الكلام فى الحركة المطلقة. والجواب: انه لا وجود للمطلق الا فى ضمن الجزئى، فلا يتصور قدم المطلق، مع حدوث كل جزء [2] من الجزئيات.
الرابع: انه لو كان كل جسم فى حيز، لزم عدم تناهى الأجسام، لأن الحيز هو السطح الباطن من الحاوى المماس للسطح الظاهر من المحوى. والجواب: ان الحيز عند المتكلمين:
هو الفراغ المتوهم الّذي يشغله الجسم وينفذ فيه أبعاده لما ثبت
(1) حتى: ط.
(2) جزء: ط.