[21] مفيد للعلم. على أن ما ذكرتم استدلال بنظر العقل، ففيه اثبات ما نفيتم، فيتناقض.
فان زعموا انه معارضة للفاسد بالفاسد. قلنا: اما أن يفيد شيئا فلا يكون فاسدا أو لا يفيد فلا يكون معارضة.
فان قيل: كون النظر مفيدا للعلم ان كان ضروريا لم يقع فيه خلاف. كما فى قولنا: الواحد نصف الاثنين وان كان نظريا لزم اثبات النظر بالنظر، وأنه دور. قلنا: الضرورى قد يقع فيه خلاف، اما لعناد أو لقصور فى ادراك. فان العقول متفاوتة بحسب الفطرة باتفاق من العقلاء، واستدلال من الآثار وشهادة من الأخبار. والنظرى قد يثبت بنظر مخصوص لا يعبر عنه بالنظر، كما يقال: قولنا العالم متغير، وكل متغير حادث، يفيد العلم بحدوث العالم بالضرورة. وليس ذلك لخصوصية هذا النظر، بل لكونه صحيحا مقرونا بشرائطه. فيكون كل نظر صحيح، مقرون بشرائطه، مفيدا للعلم. وفى تحقيق هذا المنع زيادة تفصيل لا يليق بهذا الكتاب.
(وما ثبت منه) أى من العلم الثابت بالعقل (بالبديهة) أى بأول التوجه من غير احتياج الى [1] تفكير (فهو ضرورى، كالعلم بأن كل شيء أعظم من جزئه) فانه بعد تصور معنى الكل والجزء والأعظم، لا يتوقف على شيء. ومن توقف فيه حيث زعم أن جزء الانسان، كاليد مثلا، قد يكون أعظم من الكل، فهو لم يتصور معنى الكل والجزء. (وما ثبت به بالاستدلال) [2] أى بالنظر فى الدليل. سواء كان استدلالا من العلة على المعلول. كما اذا رأى نارا فعلم أن لها دخانا أو من المعلول على العلة. كما اذا رأى دخانا، فعلم أن هناك نارا. وقد يخص الأول باسم التعليل والثانى بالاستدلال (فهو اكتسابى) أى حاصل بالكسب. وهو مباشرة الأسباب بالاختيار، كصرف العقل والنظر فى المقدمات فى الاستدلاليات، والاصغاء وتقليب الحدقة. ونحو ذلك فى الحسيات. والاكتسابى أعم من الاستدلالى، لأنه الّذي يحصل بالنظر فى الدليل، فكل استدلالى
(1) الى الفكر: ط.
(2) ثبت بالاستدلال: ط.