واحد يريد أن يحيى الأمة بماذا؟ بما ضلت به الأمة، وسقطت به الحضارة،! ومن أسبابها، المنطق اليوناني، نحن سقطنا بسبب متكلمي الأشاعرة، من أسباب سقوطنا حركة الأشاعرة في تاريخنا، وهي حركة المتكلمين، وهي إفرازٌ جزئي من فكر المعتزلة، إفراز جزئي منه، من أين جاء فكر المعتزلة؟ من الحضارات الأخري، المنطقية والفلسفية ..
سيريد أن يحيى الأمة على أساس الفقه والمنطق اليوناني، كأن القرآن .. والقرآن منبوذ، والناس الآن مشغولين، مَن يقول"أنا سني، وأنا سلفي، وأنا لا أهتم بكل مؤثرات الدنيا، وأنا أريد أن أحيى الحضارة على أساس حديث النبي صلى الله عليه وسلم"، فهو مشغول بماذا؟ فقط دورة في بحث - أو بعث - التراث، ولكن كم استفادته من هذا التراث؟ صفر! .. الآن هناك مطابع تدفع لنا يومياً المئات والآلاف من الكتب التي فيها إحياء التراث الإسلامي، ولكن لمّا تجد هذا الذي يحقِّق الكتاب ويريد أن يعلِّمنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويحيى لنا"الجزء الفلانى"والكتاب الفلاني؛ هذا السني، كم استيعابه له؟ لا شيء.
و لذلك الدولة! .. صارت الدول تعرف أن حركة إحياء التراث لن تؤثر كثيراً - لكن إن شاءالله تكون سبباً لدمارهم - -، فهم يطبعونها ..
وبعض الناس مشغول، ويقول"نريد أن نحيي الأمة على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فإذا نظرت إلى أمره وحاله، يريد فقط بهذا الحديث، أن يصبغ الشرعية على الواقع المعاصر .. ، دور المشايخ إصباغ الشرعية على الواقع المعاصر ..
ولذلك إخواني! أنا أقول:"أن أمتنا في هذا الزمان منحرفة، فينبغي أن تصلح نفسها على أي أساس؟ على أساس الفكر الصحيح، أن تعود متعمقة إلى كلام الأوائل، ولا يغرها بُنَيات الطريق .."
كان الإمام أحمد رحمه الله جالساً، فحض على النكاح، أي على الزواج، حض عليه ورغب فيه وكذلك على التعدد، حض على الزواج بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام رجلٌ وقال:"ولكن إبراهيم بن أدهم قال .."، فقال الإمام أحمد:"وقعنا في بُنَيات الطريق، أنا أخبركم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تُخبرونا ببنيات الطريق، أنظر عافاك الله ما كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ..". [1]
ولذلك، حركة إحياء الأمة ينبغي أن تنبثق من النص، ينبغي أن نرجع إلى النص، إلى نضارته، إلى عمق ما يحتوى من معانى عظيمة، تُشَكل نفسيتنا، وتشكل عقليتنا، وأن لا نهتم بالواقع، بحيث يؤثر على أفكارنا - كما هو مصيبة المسلمين الآن -، فنبصر الواقع، لنرى الباطل الذي هو فيه، وكيف يتعامل معنا. ولكن لا نتأثر بأفكار الواقع، بحيث تصبح جزءاً من تفكير عقليتنا، يعني، بمعنى المسلم، يؤمن بأن الإسلام، هو الحق، هو الحق، قامت هيئة الأمم، قامت هيئة اللمم، قامت هيئة الدجل .. ما يهمنا ولا تَقَيد بأفكارها، - و قُل: - لا تهمُّني هذه الأمور .. يبقى الكافر كافراً والمسلم مسلماً، ..
(1) انظر"تلبيس إبليس"لابن الجوزي ص 261 ط. دار الفکر. (جاء في الصحاح: بنيات الطريق؛ هي الطرق الصغار، تنشعب من الجادة. وهي الترّهات) .