فهرس الكتاب
الصفحة 86 من 224

الأرادات، فنفوا الكتابة قطعاً لأنه علمه، ونفوا أرادته ونفوا خلقه .. ، فلذلك عندهم أن أيّ إنسان، أو أيّ حيوان يعمل عملاً، فإن الله لايعلم هذا العمل، لم يشأه ولم يخلقه ولم يكتبه،. هؤلاء القدرية الأوائل، أصحاب مذهب القدري الأوائل، هؤلاء، أهل السنة كفَّروهم، لأنهم نفوا العلم عن الله، والعلم لا يمكن تصور الذات بغيره، وإلّا أن تَصَوَّر إلهاً جاهلاً [1] ..

بعد ذلك جاء المعتزلة فأثبتوا العلم ولكنهم نفوا الكتابة، قالوا علمه ولكن لم يكتُبه! لأنّ الكتابة عندهم سائقةٌ، تسوقك للفعل، ونفوا الإرادة، ونفوا الخلق. فقالوا - كما تعلمون:"أن الإنسان وأن الحيوان يخلق أفعاله".

و هذا، هو الذي سمى في مذهب أهل السنة والجماعة، بمذهب القدر ..

وهذا هو العدل عند المعتزلة، لماذا سموه عدلاً؟ لأنهم لم يتصوروا الإرادة، ولا الكتابة ولا الخلق إلا على معنى السَّوق، لا على معنى السَّبق.

فقالوا إذا علم الله أن شخصاً من الناس، سيزني، فكتبه عليه، ثم أراد أن يحْدُث هذا الأمر من الإنسان ثم خلقه فيه، فهذا يتم على أن الله هو الفاعل، ليس الإنسان، فهل من عدل الله بعد ذلك أن يعاقبه؟ هل من عدل الله بعد ذلك أن يعاقب هذا الإنسان الفاعل لهذا الفعل؟ هل من عدله، ليس من عدله؟ ..

فهمتم القضية عندهم؟ إذا مِن العدل - في تصورهم - أن تنفي كتابة الله لهذا الفعل وأن تنفي إرادة الله لهذا الفعل وأن تنفي خلق الله لهذا الفعل، فهذا هو العدل، حتّى يستحق الإنسان أن يعاقب على فعله، فلذلك قالوا الإنسان يخلق أفعاله ..

سمُّوا القدرية، وهم ينفون القدَر، الغريب هم جاؤوا، مثل الزمخشري، قال: هؤلاء الجماعة، الحشوية - ويعني بالحشوية أهل السنة والجماعة - قال: الحشوية يسموننا القدرية، ونحن ننفي قدر الله، فكيف يسموننا القدرية؟".."

يعني، واحد يسمى الخوارج، لأنه خرج، واحد يسمى معتزلى لأنه اعتزل، واحد نفي القدر، فكيف نسميه القدري؟! ..

أهل السنة قالوا: هؤلاء نفوا القدر عن الله، ولكن أثبتوه لأنفسهم - أي قالوا: الإنسان هو خالق أفعاله - ولهذا، سموا قدرية، لأنهم نسبوه لأنفسهم ..

السؤال: كيف نرد عليهم؟

(1) قال ابن رجب الجنبلي في جامع العلوم والحکم ص 33:"و أما من أنکر العلم القديم - من القدرية - فنص الشافعي وأحمد علي تکفيره وکذلک غيرهم من أئمة الإسلام".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام