تمت التحكيم، وقصة التحكيم باطلةٌ - على الصحيح - لأن ما روي إلا من طريق"سيف بن عمر التميمى" [1] ، فقضية التحكيم"أنا أخلع خاتمي و .."هذه لم تثبت إلا من طرق باطلة ..
القصد، بعد أن قبل علي رضي الله عنه التحكيم، هؤلاء الذين أجبروه على التحكيم قالوا، هذا قَبِل حكم الرجال، ولا حكم إلا لله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ، إذن فعلي كافر ومعاوية كافر وعمروبن العاص كافر و .. ، من أين جئتم بهذا؟ قالوا: لأن المعاصي هي كفرٌ ..
إذن أول ماجاء به في قضيتهم، هي قضية التكفير بالمعصية، بمطلق المعصية .. أو التكفير بالذنب، أو التكفير بالكبائر.
فهؤلاء عندهم أن الزاني كافر والسارق كافر، والكاذب كافر وهكذا، لماذا يقولون هذا؟ هذه القضية نحن لسنا الآن في سدد شرحها، لأنه في موضوع مفارقة أهل السنة لفرق أهل البدعة في قضية الإيمان .. ولكن هم يقولون أن المعصية كفر، والكفر لا يوجد فيه صغير وكبير، كله الكفر، والإيمان نوعٌ واحد إذا ذهب بعضه ذهب كله، هذه القضية، أصل قضية الخوارج.
ثم هم يلتقون على قضية ثانية وهي"تكفير المخالف"و استحلال دمه وماله ..
قال الإمام الشافعي رحمه الله: (أهل البدع إذا خالف أحدهم صاحبه، قال كفرت، والعلم فيع إنما يقال أخطات) [2] . فهم كانوا في جدالهم ونقاشهم إذا خالفهم رجلٌ في أي مسألة قالوا عنه"كافر".
فهم يكفرون المخالف، أي واحد لا يقول بعقيدتهم، فهو عندهم كافر، ولذلك هم يكفرون باللزوم، يعني لو جاء سنى وقال: أن فاعل معصية ليس بكافر، فهم يكفرونه لعدم تكفير هذا. وهم يرون هذا التسلسل الكبير. فتكفير المخالف، هذا من طريقهم. نحن أهل السنة، هل نكفِّر المخالف؟ لانكفر المخالف، إلا إذا كان خلافه معنا كفراً، ففي هذه الحالة فهو كافر - بعد توفر الشروط وأنتفاء الموانع في حقه - و إذا كان خلافه معنا ليس بكفر، فلا نكفِّره.
إذن الخلاف على مراتب عندنا أما أولئك - أي الخوارج - عندهم، المخالف مرتبة واحدة، أيُّ واحد يخالفهم فهو كافر!
ثالثاً: أنهم يرون الخروج على إمامٍ عدلٍ.
هذه أسس الخوارج، كل الخوارج يلتقون عليها. بعد ذلك هناك فرقٌ للخوارج تزيد ببعض الشروط وتأتي ببعض الأمور وتخالف في بعض المسائل، و .. ، هذه مسألة أخرى فمثلاً بعض الخوارج يرون أن قضية الإمام ليست مهمة في دين الله، ولو أن الناس قاموا بالدين بدون
(1) قال الإمام الذهبي رحمه الله في ميزان الاعتدال (2//255) عنه:"هو کالواقدي. قال يحيي بن معين عنه: ضعيف، فليس خير منه - اي من الواقدي -، قال أبوداوود: ليس بشيء. قال أبوحاتم: متروک. وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة. وقال ابن عدي: عامة حديثه منکر".
(2) اورده الإمام اللاکائي في (شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة) ج 1/ص 146. ط. دار الطيبة. الرياض.