إذن أنت لاتنظر فقط إلى نفسك، ولا تقل:"أنا نفسي حكمي".. ولكن انظر إلى"من تدخل فيه وتتعامل معه". أنت لك حكمان، حكمٌ بإعتبارك شخصٌ، وحكمٌ باعتبار جماعتك التي أنت فيها، وهذا سنبينه عندما نتكلم عن حكم الطائفة.، بمعني: أنت، لا نتعامل معك بإعتبارك شخص، مَن، فلانٌ من الناس، أنت تعتقد بالإسلام ولكن ليس هذا كافياً للحكم عليك، هناك حكمٌ آخر وهو شخصيتك فيما أنت فيه من جماعة، أين أنت؟ ماهو حزبك؟ ما هي طائفتك؟ ما هي الجماعة التي أنت فيها وتنتمي إليها؟
أليس هذا في دين الله موجود؟ .. أن الرجل ربما يكون مسلماً، ألم يكن"عباس بن عبدالمطلب"في نفسه معتقداً بالإسلام الحق؟ كان في معركة بدر، كان في نفسه يعتقد بالإسلام الحق، ولكن عندما أخذ وأسر في طائفة قريش، حين وضع نفسه تحت راية قريش، ماذا كان حكمه؟ ماذا غَلَّبْنا؟ هل غلبنا حكم الطائفة التي انطوى تحت راية، أم حكمه باعتباره الشخصي؟ غلبنا حكمه باعتبار الطائفة! ..
لمَّا قال:"ألم تعلموا أني مسلم"؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"دع عنك هذا، خاصمت فخوصمت". [1]
بمعني، المعركة قأئمة بين كونك أنك تدَّعي الإسلام وبين كونك تقاتل تحت راية كافرةٍ. مَن الذي يغلب؟ الراية. قال: خاصمت فخوصمت، أنت تدَّعي أنك مسلم ولكن رايتك كافرة، وهكذا ..
فلذلك قضية الجماعة، وفي أي جماعة تكون أنت، هذا لابدّ أن تنتبه له .. ومع الأسف هناك ناس كثيرون يقولون في هذا الزمان بعدم إحياء الجماعة - بمفاهيمها الثلاثة التي فصلناها -. هذا الذي لا يقول بالحماعة - بمفهومها الشرعي - هذا، ينقصه شق"إتِّباع الحق"..
الشق الأول: هو أن يقول بالسنة. والشق الثاني، أين هو؟ ما هي جماعته. وقد بينا في حديث حذيفة، أن كثيراً من الناس يقول أنا سنى ومع ذلك هو في الفِرَق التي نهي عنها الشرع، الفرق الكافرة، يشتغل في أحكام الكفر!، واضح إخواني؟ ..
ولذلك هناك فتوى ذكرها"القاضى عياض"، أسوقها، وإن شاءالله سأقوم على نشرها [2] ، وجهدت بحثها، والكلام على ظروف هذه الفتوى والكلام عليها ومناقشتها. فتوى ذكرها الإمام القاضى عياض رحمه الله، إمام المالكية في عصره، عن الخطباء الذين كانوا يدعون للحاكم"بأمر الله العبيدى"، قيل وسُئل عنهم جماعةً مثل"أبي زيد القيروانى"و"ابن عذرة"و"أبومحمد الكبرانى"و .. ، جماعة من أهل العلم سئلوا مِن هؤلاء الجماعة الخطباء، وقيل لهم - قيل للمسئول من العلماء السنية -، قيل عن الخطباء إنهم سنية بمعنى عقيدة السلف، كان هؤلاء الخطباء على عقيدة السلف ولكنهم في نهاية خطبتهم يقولون:"اللهم صلِّ على عبدك الحاكم"، والحاكم معروف العبيدي، - الكلام عليها يطول، سأقوم على نشرها إن شاء الله، لأنها مهمة -، ماذا قال العلماء؟ أجمع أصحاب السحنون من أئمة المالكية وغيرهم على أن هؤلاء
(1) راجع أصل الحديث في البخاري وغيره.
(2) نشر الشيخ هذا الفتوي، تحت عنوان:"فتوي خطيرة، عظيمة الشأن في حکم الخطباء والمشايخ الذين دخلوا في نصرة وتأييد المبدِّلين لشريعة الرحمن".