فهرس الكتاب
الصفحة 32 من 224

إذن لايمكن لجماعة أن يقول - في أي مرحلة من المراحل: نحن في هذه المرحلة نريد أن نأتي بأفكار جديدة ونريد أن نأتي بعقائد جديدة، نريد أن نأتي بإشتقاقات جديدة .. ، هؤلاء كما سنبينه الآن، كلُّها فِرقٌ - قريبة أو بعيدة -، لكنها على الجملة قد افترقت عن السنة والجماعة.

إذن أول هذه الميزات، أنّ أهل السنة والجماعة، تَوحَّدوا مصدر تلَقِّيهم .. ، ماذا يعني توحيد المصدر التلقي؟ يعني أن لاترى مصدراً لدين الله عزوجل ولالشرع الله عزوجل ولألفاظ الدين التي يسيرون عليها، حتّى ألفاظ الدين، إلا نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.

فلذلك، القائلين بالعقل .. ، نعلم أن لابدّ من استخدام العقل ليدُلَّنا على بعض الأفهام أو على بعض المفاهيم -، القائلين بالعقل لم يوحِّدوا مصدر التلقي، لأنهم نظروا فقالوا أن الشرع كمصدرٍ للتلقي غير كافٍ من أجل أن يبصرنا ويهدينا إلى الحق الذي نريده، فإذن جعلوا العقل مَدخلاً ..

وهؤلاء مثل - مثلاً قديماً - المعتزلة، مثل المتكلمين، مثل الذين يسمون في هذا الزمان بالمستنيرين، الفرق المستنيرة أو الجماعات المستنيرة، التي تريد أن تسترشد بالعقل من أجل أن يدُلَّها على الصواب، هؤلاء إما أن يستقل العقل لديها بالتشريع، مثل الخصومة التي قامت مع الإعتزال، أو خصومة التي قامت في داخل حزب النهضة التونسي، خصومة قامت: هل نأخذوا بالنصوص مسترشدين بالعقل، أم نُلغي النصوص ولاقيمة لها ونأخذ بقواعد الشريعة الدالة على المصالح والمفاسد؟!! انظروا إلى درجة الخصومة في الفرق التي تريد أن تُحيى الإسلام! جماعة قالت: لا، نأخذ بالنصوص مع إرشادات العقل وهداياتها، وجماعة قالت ماذا؟ قالت: النصوص لا قيمة لها ولكن كليات الدين!! ما هي كليات الدين عندهم؟ جلب المصالح ودرء المفاسد. ما هي المصلحة عندنا؟ ما هي المصلحة في ديننا؟ هي التي جاء بها الشرع، ما هو المنكر وما هي المفسدة؟ الذي جاءبه الشرع بنفسه. فهذا هو الصلاح وهذا هو الفساد، وهذه هي المصالح وهذه هي المفاسد، لكن حين يكون ميزان المصالح والمفاسد هو العقل، إذن العقل هو المستقل بالتشريع، بقوله هذا حلال لغلبة المصالح عليه - عقلاً لا نصاً -، وهذا حرام لغلبة المفسدة عليه، - ماذا - عقلاً ..

فهؤلاء جماعة يغلب عليهم هذا الأمر .. ، وصل الأمر بالفِرَق في تاريخنا والمعاصرين أن النص لا قيمة له، العقل هو أساس التشريع! .. هذه جماعة يجعلون العقل قسيم النص، بمعنى أن النص يحْترم ويبقي، فإذا وافق العقل، حَياهُ الله، وإذا لم يوافق العقل، ماذا نصنع؟ علينا أن نَعْجِنَ النقل، علينا أن نَلوي عنق النقل ليوافق العقل .. ، ومن هؤلاء في مسائل العقيدة فرق كلامية وفي الفقه كذلك جماعات الرأي الذين قالوا أنّ كل حديث آحاد غير مُشتهِر وغير متواتر، كل حديث آحاد على خلاف القياس، لا نأخذ به. ما هو القياس مقصود به؟ الحكم العقلي. القياس هو الحكم العقلي، فكل حديث لا يوافق القياس، لا نأخذ به ..

السني، الفرقة الناجية، ابتداءً يسلِّم أمام النص، تأخذ النص وتمشي فيه، إن عَقِلَتْه فهذه مرتبة العقلاء، فهموا النص وعملوا به وبعد ذلك أدركوا غايات المصالح فيه لأن مراتب الممتثلين للنص ليس مرتبة واحدة، ولكنه مراتبٌ في العقل والإدراك. يأتي مسلم عامي تقول له ما هي المصلحة في الصلاة؟ يقول:"ما أدري، الله تعالى أمرني بالصلاة وأنا أقوم بها، لاتناقشنى"، هذه مرتبة"أنا أمتثل أمر الله ولا أفسِّر بعد ذلك"، وهناك مرتبة أخري، مرتبة العلماء والفقهاء والحكماء الذين يفقهون دين الله عزوجل، يفهمون الدين، يأتي النص، فيسلِّم له

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام