فهرس الكتاب
الصفحة 19 من 224

و أغلب المشايخ الذين تصيبهم هذه الحالة، إما شيخٌ متحلل، لايهتم بالأوامر، - لا أريد أن أضرب الأمثلة، انظروا الشيوخ الأزهريين، وانظروا مُخرجى الجامعات، وانظروا الشيوخ التقليديين في المساجد - متحللين، إذا جئت له بأمر، يقول: {دعنا يا أخي، هذه الأوامر، للصحابة} ! .. وإما شيخٌ مريضٌ نفسياً، معتزل في نفسه وفي صومعته ولا يرى امكانية خيرٍ في أمته قط .. فهذه الحالة نصاب بها حين لانرى - ولانعرف - الإنسان - على حقيقته -. ولذلك أنا أقول، إقرأ، لو رجعت إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم المحفوظة، بحركات الإنسان المتمثلة بالصحابة، ترى بشراً عادياً، لأنها محفوظة بحفظ الله فقط، لأنها جزء من الشريعة .. فترى الصحابي الذي ينام عن الطاعة، وترى الصحابي الذي عندما أرسل ليأخذ الزكاة من خالد رضي الله عنه - فمنع زكاته، فيأتى الصحابي ويرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: منع خالد زكاة المال، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم"أما خالد فإنكم تظلمون خالداً قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله" [1]

قام صحابي آخر وقال أتأخذون سلاح رجلٍ يدافع عن رسول الله؟ قام آخر وقال: أنت منافق ..

ترى حركة الإنسان ..

لما كانت أفضل النساء صنعاً للطعام، صفية زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ترسل طعاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت عائشة رضي الله عنها، فعائشة تغار، وفي بيتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمسك القدر وتلقيه حتّى لا يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إناء بإناء وطعام بطعام .. [2]

ترى حركة الإنسان .. فهمتم؟ ..

الآن كثير من المشايخ وأنا مع تقديرى - لابدّ أن أذكره - مع تقديرى العظيم لهذا الإنسان العظيم وهو الشيخ عبدالرحيم الطحان .. [3]

فانه يبالغ .. مبالغةً .. وقد يقول لك: «و في السند الصحيح أن الرجل قد دخل وسمع أن أوانى البيت يسبح! .. وكان أربعين عاماً يقوم الليل وأربعين عاماً يصلى الفجر بوضوءالعشاء» ، وهكذا ..

ولمايسمع المرء هذا الكلام يصاب الحالة التي ذكرنا، اما الحالة الأولى التحلل، واما الحالة الثانية النفرة من الناس ومن الحياة ويصاب بعاهات النفس وآثارها ..

ومن هنا وبهذا المدخل، يعرف كثير من الناس كيف يفسر أحداث الصحابة ..

وكثير من الناس عندما تخاطبه عن الصحابة وعن فضائل الصحابة وعظمة الصحابة، يتخيلهم أنهم فقدوا إحساس بشريتهم، يعني لا يوجد لديهم هوى ولايوجد منهم من حبب إليه شيء من الدنيا، ولايرى حركة الإنسان، فإذا جاء إلى مشكلة يقول: هؤلاء، الصحابة ..

(1) انظر صحيح البخاري (1468) مع فتح الباري 3/ 334.

(2) رواه الترمذي برقم 1359، وقال حديث حسن صحيح. وقال الألباني: حديث صحيح.

(3) کان صوت الشيخ غير مفهوم هنا، والشريط کان فيه انقطاع.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام