إذن هي ليست صفة ذات، ولكنها صفة إستحقاق. يعني يستحقها الرب. بخلاف الربوبية، فإنها صفة ذات. الله، الخالق والرازق و .. ، فإنها صفة ذات وليست صفة إستحقاق.
الآن، أصل الدين إخواني! هو الإقرار والتصديق. - هنا القضية وهنا مدار الكلام -، وهذا يعني، يقول العبد:"أنني يا رب!، أنا صدَّقت ما تخبرني به، وما تأمرني به، بأنك أنت الذي تستحق، - وليس التصديق والإقرار فقط بأنك أنت الذي خلقت، وأنت الذي رزقت -، ليس هذا فقط، ولكن أنا - إضافة على الإقرار والتصديق بهذا - أقرُّ وأعترف وأصدِّق بأمرك أنك أنت الذي تستحق الألوهية، وبهذا قبلت أن أكون عبداً لك".. ، هذا هو أصل الدين. أنّ العبد صدَّق أنّ الله يستحق الألوهية، وأَقرَّ وبعد ذلك ماذا؟ تابَعَ ..
لو أن رجلاً قال:"يا رب! أنا أصدّق أنك أنت الرب، وعلى هذا الأساس، أصدق أنك أنت الإله الحق، أي الذي يستحق العبادة، وأقر بهذا، ولكني لست على إستعداد أن أتابع أمرك".. ، فما حكم هذا الرجل؟ الكفر ..
إذن تصديق العبد بأن الله يستحق الإلهية، أي يستحق العبادة، وإقراره على هذا أنه يقر ويعترف أنه ينبغي له أن يكون عبداً لله، ولكن لم يقْصُد في قلبه ولم يوَصِّل نفسه على أن يتابع مستحقات هذه العبادة وهذه الألوهية، فما هو حكمه؟ حكمه أنه كافر، ليس بمسلم وليس مؤمناً ..
والأدلة على ذلك كثيرةٌ منها، ما جاء في الحديث:"أَنَّ يَهُودِيَّيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ نَسْأَلُهُ فَقَالَ لَا تَقُلْ نَبِيٌّ فَإِنَّهُ إِنْ سَمِعَهَا تَقُولُ نَبِيٌّ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَسْحَرُوا وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى سُلْطَانٍ فَيَقْتُلَهُ وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً وَلَا تَفِرُّوا مِنْ الزَّحْفِ وَعَلَيْكُمْ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ خَاصَّةً لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ". فَقَبَّلَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَا:"نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ". قَالَ:"فَمَا يَمْنَعُكُمَا أَنْ تُسْلِمَا"قَالَا:"إِنَّ دَاوُدَ دَعَا اللَّهَ أَنْ لَا يَزَالَ فِي ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ أَسْلَمْنَا أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ". [1] "
نري، أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يحكم لهم بالإسلام بقولهم"نشهد أنك نبي". لماذا؟
لقرينة الحال أنهم لم يقصدوا بهذا الإقرار، أن يتابعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به وأن يدخلوا في الإسلام .. فقال لهم:"فما يمنعكما من إتباعي".
إذن ماذا جعل القيد لأن يكونوا مسلمين مؤمنين موحدين؟ الإتباع. ولكنهما قالوا:"إن داود .."الخ، فجعلوا شرطاً لم يقل به الله، فكانوا كفاراً.
وكذلك ما روي عن كرز بن علقمة قال:"قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران، ستون راكباً، منهم أربعة وعشرون من أشرافهم، والأربعة والعشرون منهم ثلاثة نفر منهم إليهم يئول أمرهم، العاقب أمين القوم وذو رأيهم، وصاحب مشورتهم، والذي لا"
(1) رواه الترمذي في سننه عن صفوان بن عسال. برقم (3069) وقال حديث حسن صحيح. ورواه النسائي في سننه (4010) . قال الإمام النووي في"رياض الصالحين" (1/ 288) : رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة"1 ه."