فهرس الكتاب
الصفحة 142 من 224

النوع من العمل - بل هذا العمل يكون لخدمة نفسه -، ولكن يمتثل أمر سيده في سلوكه وحركته، إذن فهو طائع له .. ، إذن العبادة هي حركة إنسانيةٌ، فعلٌ إنسانى يقصد به غيره [1] .. ف (إياك نعبد) ، هي قصد الإنسان لطاعة الله سبحانه وتعالي. إذن لما يقول العبد (إياك نعبد) ، فهو يقصد أفعاله وأعماله لواحد، وهو الله عزوجل .. إذن (إياك نعبد) ، هو توحيد القصد لله عزوجل ..

العبد كذلك له حاجات، ويطلب حاجاته من غيره، أو من سيده، .. ، الإستعانة في رفع الحاجات .. ، أنا محتاج لك، أريدك أن تعطيني .. ، إذن، هو ماذا يفعل هنا؟ يطلب منه .. ، ويستعين به في رفع حاجاته .. ، فإياك نستعين، أي: لا أستعين إلا بك، ولا أطلب إلا منك .. ، إذن ف (إياك نستعين) ، هو توحيد الطلب .. ، وأعمال العبد هي (القصد والطلب) ..

إذن لما يقول العبد (إياك نعبد وإياك نستعين) ، هذا يعني أنه يقصد بأعماله وأفعاله، واحداً، وهو الله، ويطلب حاجاته من واحد فقط، وهو الله، وهذا هو التوحيد، أي: أن لا تقصد بكل أفعالك وأعمالك إلا واحداً - وهو الله -، وأن لا تطلب جميع حاجاتك إلا من واحد - وهو الله - .. وهذا، خلاصة دين الله.

هذا التوحيد، كما ترون، هو فعل الإنسان، هو يوحِّد فعلَه، .. وفعل الإنسان، إما أن يفعل وإما أن يطلب، يعني أنت حركاتك كلها، إما أن تطلب وإما أن تفعل - لنفسك أو لغيرك -، إما أن تأكل، إما أن تشرب، .. إذن أنت تفعل أفعالاً، أو تطلب من غيرك .. ، إذن - إنتبهوا لهذه القضية -، إذن القصد والطلب، هو حركة الإنسان بغَضِّ النظر عن المطلوب بهذه الحركة، ماتكلمنا عن المطلوب بها ..

هذا هو التوحيد الذي بعث به الأنبياء .. ، إذن هو حركة الإنسان، إرادة الإنسان لواحد، إما أرادته بأن يقصد أفعاله أن لا تكون إلا لهأان ينوي له، أو يمتثل أمره، لِمَا هو طَلَب منه، أو يستعين به على حاجاته وعلى أموره، فهو لواحد .. ، إذن هو فعل الإنسان.

هذا هو التوحيد الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الآن نريد أن نرى من هو هذا المقصود وهذا المطلوب ..

(1) نعلم أن الإنسان عبدٌ بمعني الکلمة، ولا يستطيع أن يخرج من العبودية، وهذا خلقته وجبلته التي خلقه الله تعالي عليها، ... يعني أن الإنسان -من حيث أنه ضعيف ومحتاج و .. ، وهذه الأمور لا تنفک عنه أبداً -، إذن هو لرفع حاجاته وجلب المنافع لنفسه ودفع المضار عن نفسه، مضطر ومحتاج لغيره بأن يتوفر له حاجياته ويعينه وينصره في دفع المضار عنه وجلب المنافع له .. ، فعلي هذا الأساس، لابدّ للإنسان أن يخضع لغيره وأن يطلب من غيره، - لأنه فقير وضعيف -، إذن فخضوع الإنسان لغيره وطلبه منه حاجاته - کائناً من کان هذا الغير -، أمرٌ کوني حتمي قدري ولا يستطيع الإنسان أن يخرج منه أبداً، وهذا هو العبودية التي لا يخرج الإنسان منها أبداً .. ، إذن فالإنسان عبدٌ کوناً وقدَراً - شاء أم أبي -، ثم بعد ذلک يکون عبداً لمن؟ ويجعل (قصده وطلبه) لمن؟ فهذا هو موضوع رسالة جميع الأنبياء عليهم السلام، وهو أن يکون الإنسان عبداً خالصاً لله الواحد الأحد الفرد الصمد الخالق، لا عبداً للمخلوق - من الإنس والجن وغيرهما من المخلوقات -، لأنّ: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) و (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) ..

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام