فهرس الكتاب
الصفحة 122 من 224

النملة حرام، ولكن البقر حلال والذرات واحدة؟! قالوا: لما جاء في الشرع .. الدليل، الشرع .. وإلّا لا فرق في الحقيقة، بين الخنزير وبين البقر! ..

كما ترون هذا مذهبٌ ضالٌ، فالذَّرَّة، نعم!، أصغر شيء، ولكن هل ممكن أن تنشطر؟ نعم شطروها، وصنعوا منها القنابل والوقود الذرية ..

هل الجوهر في كل شيء واحد؟ هل الذرة في كل شيء واحد؟ لا، الآن هل ذرات"الحديد"، هي مثل ذرات"الفسفات"، مثل ذرات"الذهب"؟! نعوذبالله!

هل العلاقة بينها، علاقة التجاور أم التفاعل؟ التفاعل .. في داخل المدارات .. وهذا الموضوع، واضح ومكشوف في علم"الكيمياء" (chemistry) ..

إلى أيِّ نتيجة أدّى هذا الضلال؟

أدّى هذا الضلال إلى تعطيل البحث العلمي في التحقيقات العلمية، في أمتنا .. فالكل واحد عندهم، الماء والبترول والنار والحديد، كلها واحدة .. إذن فلماذا، نسعى ونبحث عن حقيقتها وتركيباتها وذراتها وكشف سنن الله في المواد .. - فإذا كان حقيقة الكل، واحدة - ولمّا صارت عندنا كل الأشياء واحدة، فلا نبحثوا فيها، والباحث فيها، جاهل وعابث!، لماذا؟ لأنه سيصل في النتيجة إلى أن الكل واحد، ..

هكذا، وبهذه الصورة، وصل أمتنا إلى هذا التخلف العلمي والدنيايى الذي نراه ونعيشه .. صارت أمتنا لا دنيا لها في شيء ..

إذن فبعد أن نظروا إلى الحياة، وموادها، بأنّها واحدة، والبحث فيها، لا يؤدى إلّا إلى نتيجة معروفة لديهم سبقاً، ثم ثانياً: لمَّا عطَّلوا دور الإرادة في العمل - كما ذكرنا عنهم، أنهم في الحقيقة، جبرية -، .. إذن، فالواضِع الرِّجْل على الرِّجْل، الذي لا يعمل ولا يكد، سيصل في النتيجة، إلى ما وصل إليه الذي يعمل ويكد!! ..

و من هذا التصور، جاءت الأمثلة العامية:"لو جريت جَرو الوحوش .."..

إذن بهذا الطريق، صرنا ضالّين في الحياة الدنيا، - لا دين لنا، ولا دنيا - .. ثم جاءت الصوفية ..

لابدّ أن أدخل في هذا الموضوع، لابدّ أن تكتمل الصورة العقلية لدينا، كيف صرنا ضالّين. ووصلنا إلى ما وصلنا إليه في هذا الحال الذي نعيشه ..

الآن: حقائق الأشياء، حقيقة الجوهر، حقيقة العرض .. الحقائق، هذه، .. أن كل شيء واحد .. هذا كلام نظري، لكن إدراك الحقائق، مَن الذي يكشف لك إياها؟ مَن الذي يكشف لك حقائق الأشياء؟ الكشف! الكشف! .. [1] الصوفي، يجلس في خلوته، هذا الرجل، صاحب أكسير

(1) الکشف: هو الإطلاع علي ما وراء الحجب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجوداً أو شهوداً. {التعريفات، للجرجاني ص 184} . ويقول المؤلف - الشيخ أبوقتادة الفلسطيني، حفظه الله - في کتابه (ملاحظات علي البيجوري في شرح جوهرة التوحيد) ص 66 - 65:"أقول: إن الکشف هو عبارة عن أمور في نفس الشخص يظن أنها موجدة في الأعيان فيجزم بوقوعها وأنها حقيقة قأئمة، ولا يستطيع نفيها عنده أحد مهما تجمعت لديه الأدلة الأخري علي ضلال إعتقاده، لوحدة الوجود وحصول بعض المشاهدات لديه کإدعائه أنه يري الله وأن الله يکلمه وأنه يجلس مع الرسول صلي الله عليه وسلم ويتلقي منه العلم ويصلِّي الفرائض ورائه وهي في الحقيقة تصورات ذهنية داخلية وخيالات نفسية شيطانية ليس لها واقع صحيح، وليست من هدي الکتاب والسنة، ولا هي سبيل المؤمنين. أي نستطيع أن نقول أن الکشف هو خيال جنوني داخلي، يدعي الصوفي أنه به يحصل له علم إليقين في مسائل الإعتقاد وفي کثير من المسائل الشرعية وغيرها، وهذا شرع من الدين ما لم يأذن به الله ولا رسوله. فنسأل الله العفو ووالعافية. وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالي:"و عامة هؤلاء إذا خوطبوا ببيان فساد قولهم، قالوا من جنس قول النصاري"هذا أمر فوق العقل"و يقول بعضهم، ماکان يقول التلمساني لشيخ أهل الوحدة، يقول: يثبت عندنا في الکشف ما يناقض صريح العقل". {الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح 2/ 92} . فإذا لم تکن من صحيح النقل ولا من صريح العقل؛ فمن أين جاءت؟ لا شک أنها من الشيطان والهوي". إنتهيا من"الملاحظات".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام