فهرس الكتاب
الصفحة 104 من 224

إذن كانت أمتنا حية، أما بعد ذلك أمتنا لمَّا انحدرت، يأتيه رجلٌ ويقول:"قال أرسطو ..". تقول له:"هذا رجلٌ متفتح، هذا رجلٌ حضاري"!! ..

القصد كانت أمتنا بعدُ حيةً ..

ما هي أسباب الضعف لدى المعتزلة، التي أدت لعدم قبول الأمة لهم؟

كما ترون، أن المعتزلة جاؤوا بعبارات، ليس فيها تعاملاً مع العامة، مثل: (الجوهر، العرض، القديم، توحيد الإفراد، العدل و .. ) ، كلمات كما ترون - لما شرحناها -، فيها مشقَّة وعبارات صعبة، والناس لا يفهمونها، بخلاف نص القرآن، .. أي إنسان بسيط يفهم منه مراده، والإنسان الزكي العبقري يفهم منه كذلك مراده، وهو يتعامل .. وكذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الإنسان العادي يأخذ الأمر ويسلم، والإنسان العالم يأخذ الأمر ويدرك حكمته ويكتشف مغالطة الأخرين، وهكذا فنص النبوي، نص حيٌ، نصٌ عالي في معانيه ومراده وبسيط في أسلوبه ..

لكن المعتزلة - كما رأيتم - عباراتهم فَجَّة، وعباراتهم صعبة لدى العوام، فغير مقبولة، لأن أي موضوع من مواضع المعتزلة حتّى يشرحها للعامي، يمكن أن يشرحها ساعتين أو أكثر، وبعد ذلك، يقول العامي:"والله يا شيخ ما فهمت شيئاً، خلِّيني على ما أنا عليه"..

فلذك جفاف أسلوب المعتزلة في أفكارهم وأطروحاتهم، فلذلك بقي على هذا الأساس، فكراً - كما يقال في هذه الأيام - بقي فكراً نخبوياً، يعني يأخذه قلة من الناس - طبعاً صفوة عقلية، ولكنهم ضُلّال - لكن بالنسبة لعوام الناس، فلا يفهمونه ولا يريدونه، فلذلك قَلَّ أتباعهم ولم يصبح لهم مَدٌّ شعبيٌ ..

السبب الآخر: صدور بعض الأفكار والألفاظ التي تثير حقد عوام المسلمين عليهم، عداوةً على علماء المسلمين ..

المعتزلة للأسف، صدرت منهم كلمات غير مقبولة للعوام، مثلاً: المعتزلة كانوا يكفرون كثيراً من الصحابة، ويرون أن الصحابة الذين قاتلوا مع المعاوية ضد علي، هؤلاء كفار، بل يرى - بعض المعتزلة - كفر علي، وبعضهم يرى كفر كثير من الصحابة ..

فلمَّا يأتي واحد ويكفِّر الصحابة لَدَى العوام، .. فالعوام لا يقبل منه ..

هذه، من أفكارهم التي جعلت الناس ينفرون منهم. وكذلك من أسباب التي نفَّرت الناس منهم:"صدور بعض الكلمات التي تدل على جفاف قلوبهم. مثلاً: أن يأتي رجلٌ، ويقال له مثلاً، هو رجل عامى ويعلم أن الشافعي مثلاً عالم في الحديث، والإمام أحمد عالم في الحديث، ويعرف صحيح الحديث وضعيفه .. ويأتي المعتزلي ويذكر فكرة المعتزلة .. فيقوم له هذا العامي ويقول:"ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح".. فماذا يقول له المعتزلي؟ يقول:"لا نستمع لهذا، هذا كلام الحشوية"!، فيرد الحديث النبوى ولايحترمه، وهذا أدى إلى أن يبتعدوا الناس عنه، ويقولون هذا الرجل لا يحترم حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيبتعدون عنه، .."

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام