فهرس الكتاب
الصفحة 70 من 491

وظيفة الأمة المسلمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر[1]

وظيفة الجماعة المسلمة التي تقوم على هاتين الركيزتين لكي تنهض بها .. هذه الوظيفة الضرورية لإقامة منهج اللّه في الأرض ، ولتغليب الحق على الباطل ، والمعروف على المنكر ، والخير على الشر .. هذه الوظيفة التي من أجلها أنشئت الجماعة المسلمة بيد اللّه وعلى عينه ، ووفق منهجه .. فهي التي تقررها الآية التالية: «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ، وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» ..

فلا بد من جماعة تدعو إلى الخير ، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. لا بد من سلطة في الأرض تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. والذي يقرر أنه لا بد من سلطة هو مدلول النص القرآني ذاته.

فهناك «دعوة» إلى الخير. ولكن هناك كذلك «أمر» بالمعروف. وهناك «نهي» عن المنكر. وإذا أمكن أن يقوم بالدعوة غير ذي سلطان ، فإن «الأمر والنهي» لا يقوم بهما إلا ذو سلطان ..

هذا هو تصور الإسلام للمسألة .. إنه لا بد من سلطة تأمر وتنهى .. سلطة تقوم على الدعوة إلى الخير والنهي عن الشر .. سلطة تتجمع وحداتها وترتبط بحبل اللّه وحبل الأخوة في اللّه .. سلطة تقوم على هاتين الركيزتين مجتمعتين لتحقيق منهج اللّه في حياة البشر .. وتحقيق هذا المنهج يقتضي «دعوة» إلى الخير يعرف منها الناس حقيقة هذا المنهج. ويقتضي سلطة «تأمر» بالمعروف «وتنهى» عن المنكر .. فتطاع .. واللّه يقول: «وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ» .. فمنهج اللّه في الأرض ليس مجرد وعظ وإرشاد وبيان. فهذا شطر. أما الشطر الآخر فهو القيام بسلطة الأمر والنهي ، على تحقيق المعروف ونفي المنكر من الحياة البشرية ، وصيانة تقاليد الجماعة الخيرة من أن يعبث بها كل ذي هوى وكل ذي شهوة وكل ذي مصلحة ، وضمانة هذه التقاليد الصالحة من أن يقول فيها كل امرئ برأيه وبتصوره ، زاعما أن هذا هو الخير والمعروف والصواب! والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - من ثم - تكليف ليس بالهين ولا باليسير ، إذا نظرنا إلى طبيعته ، وإلى اصطدامه بشهوات الناس ونزواتهم ، ومصالح بعضهم ومنافعهم ، وغرور بعضهم وكبريائهم.

وفيهم الجبار الغاشم. وفيهم الحاكم المتسلط. وفيهم الهابط الذي يكره الصعود. وفيهم المسترخي الذي يكره الاشتداد. وفيهم المنحل الذي يكره الجد. وفيهم الظالم الذي يكره العدل. وفيهم المنحرف الذي يكره الاستقامة ..

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (1 / 444)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام