فهرس الكتاب
الصفحة 196 من 491

أهمية الطهارة قبل الصلاة[1]

«ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ. وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ، وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» ..

والتطهر حالة واجبة للقاء اللّه - كما أسلفنا - وهو يتم في الوضوء والغسل جسما وروحا. فأما في التيمم فيتم الشطر الأخير منه ويجزئ في التطهر عند عدم وجود الماء ، أو عند ما يكون هناك ضرر في استعمال الماء.

ذلك أن اللّه - سبحانه - لا يريد أن يعنت الناس ، ويحملهم على الحرج والمشقة بالتكاليف. إنما يريد أن يطهرهم ، وأن ينعم عليهم بهذه الطهارة وأن يقودهم إلى الشكر على النعمة ، ليضاعفها لهم ويزيدهم منها ..

فهو الرفق والفضل والواقعية في هذا المنهج اليسير القويم.

وتقودنا حكمة الوضوء والغسل والتيمم التي كشف النص عنها هنا: «وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» ..

تقودنا إلى تلك الوحدة التي يحققها الإسلام في الشعائر والشرائع على السواء. فليس الوضوء والغسل مجرد تنظيف للجسد ، ليقول متفلسفة هذه الأيام: إننا لسنا في حاجة إلى هذه الإجراءات ، كما كان العرب البدائيون!

لأننا نستحم وننظف أعضاءنا بحكم الحضارة!

إنما هي محاولة مزدوجة لتوحيد نظافة الجسم وطهارة الروح في عمل واحد وفي عبادة واحدة يتوجه بها المؤمن إلى ربه. وجانب التطهر الروحي أقوى. لأنه عند تعذر استخدام الماء ، يستعاض بالتيمم ، الذي لا يحقق إلا هذا الشطر الأقوى .. وذلك كله فضلا على أن هذا الدين منهج عام ليواجه جميع الحالات ، وجميع البيئات ، وجميع الأطوار ، بنظام واحد ثابت ، فتتحقق حكمته في جميع الحالات والبيئات والأطوار في صورة من الصور ، بمعنى من المعاني ولا تبطل هذه الحكمة أو تتخلف في أية حال.

فلنحاول أن نتفهم أسرار هذه العقيدة قبل أن نفتي فيها بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير. ولنحاول أن نكون أكثر أدبا مع اللّه فيما نعلم وفيما لا نعلم على السواء .

كذلك يقودنا الحديث عن التيمم للصلاة عند تعذر الطهارة بالوضوء أو الغسل أو ضررها إلى لفتة أخرى عن الصلاة ذاتها. عن حرص المنهج الإسلامي على إقامة الصلاة وإزالة كل عائق يمنع منها .. فهذا الحكم

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (2 / 850)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام