فهرس الكتاب
الصفحة 41 من 491

الإسلام منهج واقعي حركي[1]

«يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ؟ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ» ..نزلت تقرر حرمة الشهر الحرام ، وتقرر أن القتال فيه كبيرة ، نعم! ولكن: «وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ. وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ» ..

إن المسلمين لم يبدأوا القتال ، ولم يبدأوا العدوان. إنما هم المشركون. هم الذين وقع منهم الصد عن سبيل اللّه ، والكفر به وبالمسجد الحرام. لقد صنعوا كل كبيرة لصد الناس عن سبيل اللّه. ولقد كفروا باللّه وجعلوا الناس يكفرون. ولقد كفروا بالمسجد الحرام. انتهكوا حرمته فآذوا المسلمين فيه ، وفتنوهم عن دينهم طوال ثلاثة عشر عاما قبل الهجرة. وأخرجوا أهله منه ، وهو الحرم الذي جعله اللّه آمنا ، فلم يأخذوا بحرمته ولم يحترموا قدسيته ..

وإخراج أهله منه أكبر عند اللّه من القتال في الشهر الحرام .. وفتنة الناس عن دينهم أكبر عند اللّه من القتل.

وقد ارتكب المشركون هاتين الكبيرتين فسقطت حجتهم في التحرز بحرمة البيت الحرام وحرمة الشهر الحرام.

ووضح موقف المسلمين في دفع هؤلاء المعتدين على الحرمات الذين يتخذون منها ستارا حين يريدون ، وينتهكون قداستها حين يريدون!

وكان على المسلمين أن يقاتلوهم أنى وجدوهم ، لأنهم عادون باغون أشرار ، لا يرقبون حرمة ، ولا يتحرجون أمام قداسة. وكان على المسلمين ألا يدعوهم يحتمون بستار زائف من الحرمات التي لا احترام لها في نفوسهم ولا قداسة!

لقد كانت كلمة حق يراد بها باطل. وكان التلويح بحرمة الشهر الحرام مجرد ستار يحتمون خلفه ، لتشويه موقف الجماعة المسلمة ، وإظهارها بمظهر المعتدي .. وهم المعتدون ابتداء. وهم الذين انتهكوا حرمة البيت ابتداء.

إن الإسلام منهج واقعي للحياة ، لا يقوم على مثاليات خيالية جامدة في قوالب نظرية. إنه يواجه الحياة البشرية - كما هي - بعوائقها وجواذبها وملابساتها الواقعية. يواجهها ليقودها قيادة واقعية إلى السير وإلى الارتقاء في آن واحد. يواجهها بحلول عملية تكافئ واقعياتها ،ولا ترفوف في خيال حالم ، ورؤى مجنحة:

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (1 / 226)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام