فهرس الكتاب
الصفحة 48 من 491

الأحكام جاءت معللة مرغبة ومرهبة[1]

«نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ. وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» .. «وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً» ..

فهي الفطرة تعمل ، وهي الأسرة تلبي هذه الفطرة. العميقة في أصل الكون وفي بنية الإنسان. ومن ثم كان نظام الأسرة في الإسلام هو النظام الطبيعي الفطري المنبثق من أصل التكوين الإنساني. بل من أصل تكوين الأشياء كلها في الكون. على طريقة الإسلام في ربط النظام الذي يقيمه للإنسان بالنظام الذي أقامه اللّه للكون كله. ومن بينه هذا الإنسان ..

والأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الفراخ الناشئة ورعايتها وتنمية أجسادها وعقولها وأرواحها وفي ظله تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتكافل ، وتنطبع بالطابع الذي يلازمها مدى الحياة وعلى هدية ونوره تتفتح للحياة ، وتفسر الحياة ، وتتعامل مع الحياة.

والطفل الإنساني هو أطول الأحياء طفولة. تمتد طفولته أكثر من أي طفل آخر للأحياء الأخرى. ذلك أن مرحلة الطفولة هي فترة إعداد وتهيؤ وتدريب للدور المطلوب من كل حي باقي حياته. ولما كانت وظيفة الإنسان هي أكبر وظيفة ، ودوره في الأرض هو أضخم دور .. امتدت طفولته فترة أطول ، ليحسن إعداده وتدريبه للمستقبل .. ومن ثم كانت حاجته لملازمة أبويه أشد من حاجة أي طفل لحيوان آخر. وكانت الأسرة المستقرة الهادئة ألزم للنظام الإنساني ، وألصق بفطرة الإنسان وتكوينه ودوره في هذه الحياة.

وقد أثبتت التجارب العملية أن أي جهاز آخر غير جهاز الأسرة لا يعوض عنها ، ولا يقوم مقامها ، بل لا يخلو من أضرار مفسدة لتكوين الطفل وتربيته ، وبخاصة نظام المحاضن الجماعية التي أرادت بعض المذاهب المصطنعة المتعسفة أن تستعيض بها عن نظام الأسرة في ثورتها الجامحة الشاردة المتعسفة ضد النظام الفطري الصالح القويم الذي جعله اللّه للإنسان. أو التي اضطرت بعض الدول الأوربية اضطرارا لإقامتها بسبب فقدان عدد كبير من الأطفال لأهليهم في الحرب الوحشية المتبربرة التي تخوضها الجاهلية الغربية المنطلقة من قيود التصور الديني ، والتي لا تفرق بين المسالمين والمحاربين في هذه الأيام «1» ! أو التي اضطروا إليها بسبب النظام المشئوم الذي يضطر الأمهات إلى العمل ، تحت تأثير التصورات الجاهلية الشائهة للنظام الاجتماعي والاقتصادي المناسب للإنسان. هذه اللعنة التي تحرم الأطفال حنان الأمهات

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (1 / 235)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام