فهرس الكتاب
الصفحة 321 من 491

منهج الحركة الإسلامية في المراحل المختلفة[1]

يذكر اللّه - سبحانه - رسوله - صلى اللّه عليه وسلم - والذين آمنوا معه ، بمنته عليهم في تأليف قلوبهم ، وقد كانت مستعصية على التأليف لولا إرادة اللّه ورحمته ومنته.

ويطمئنهم اللّه كذلك إلى كفايته لهم وحمايته .. ومن ثم يأمر رسوله بتحريضهم على القتال ويريهم أنهم بإيمانهم - إذا صبروا - أكفاء لعشرة أضعافهم من الذين كفروا الذين لا يفقهون ، لأنهم لا يؤمنون! وأنهم في أضعف حالاتهم أكفاء لضعفهم من الذين كفروا - متى صبروا. واللّه مع الصابرين.

ثم يعاتبهم اللّه سبحانه على قبولهم الفدية في الأسرى وهم لم يثخنوا في الأرض بعد ، ولم يخضدوا شوكة عدوهم ولم يستقر سلطانهم وتثبت دولتهم. فيقرر بهذا منهج الحركة الإسلامية في المراحل المختلفة والأحوال المتعددة ، ويدل على مرونة هذا المنهج وواقعيته في مواجهة الواقع في المراحل المختلفة .. وكذلك يبين اللّه لهم كيف يعاملون من في أيديهم من الأسرى ، وكيف يحببونهم في الإيمان ، ويزينونه في قلوبهم ثم يخذل اللّه هؤلاء الأسرى عن محاولة الخيانة مرة أخرى وييئسهم من جدواها فاللّه الذي أمكن منهم أول مرة حين خانوه بالكفر ، سيمكن منهم مرة أخرى لو خانوا رسوله صلى اللّه عليه وسلم.

وأخيرا تجيء الأحكام المنظمة لعلاقات الجماعة المسلمة فيما بينها ، وعلاقاتها بالمجموعات التي تدخل في الإسلام ، ولكنها لا تلحق بدار الإسلام ، ثم علاقاتها بالذين كفروا في حالات معينة ، ومن حيث المبدأ العام أيضا. حيث تتجلى في هذه الأحكام طبيعة التجمع الإسلامي وطبيعة المنهج الإسلامي كله وحيث يبدو بوضوح كامل أن «التجمع الحركي» هو قاعدة الوجود الإسلامي ، الذي تنبثق منه أحكامه في المعاملات الداخلية والخارجية وأنه لا يمكن فصل العقيدة والشريعة في هذا الدين عن الحركة والوجود الفعلي للمجتمع المسلم.

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (3 / 1516)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام