فهرس الكتاب
الصفحة 78 من 112

[81] المقام الثانى: ان حقيقة الايمان لا تزيد ولا تنقص، لما مر من أنه التصديق القلبى، الّذي بلغ حد الجزم والاذعان. وهذا لا يتصور فيه زيادة ولا نقصان، حتى أن من حصل له حقيقة التصديق، فسواء أتى: بالطاعات أو ارتكب المعاصى، فتصديقه باق على حاله لا تغير يه أصلا. والآيات الدالة على زيادة الايمان محمولة على ما ذكره «أبو حنيفة» رحمه الله من أنهم كانوا آمنوا فى الجملة، ثم يأتى فرض بعد فرض، فكانوا يؤمنون بكل فرض خاص.

وحاصله: أنه كان يزيد بزيادة ما يجب الايمان به. وهذا لا يتصور فى غير عصر النبي عليه السلام. (وفيه نظر. لأن الاطلاع على تفاصيل الفرائض ممكن فى غير عصر النبي صلى الله عليه وسلم)

والايمان واجب اجمالا فيما علم اجمالا، وتفصيلا فيما علم تفصيلا. ولا خفاء فى أن التفصيلى أزيد، بل أكمل. وما ذكر من أن الاجمالى لا ينحط عن درجته، فانما هو فى الاتصاف بأصل الايمان. وقيل: ان الثبات والدوام على الايمان زيادة عليه فى كل ساعة. وحاصله: أنه يزيد بزيادة الأزمان، لما أنه عرض لا يبقى الا بتجدد الأمثال. وفيه نظر لأن حصول المثل بعد انعدام الشيء، لا يكون من الزيادة فى شيء. كما فى سواد الجسم مثلا. وقيل:

المراد زيادة ثمرته واشراق نوره وضيائه فى القلب، فانه يزيد بالأعمال وينقص بالمعاصي. ومن ذهب الى أن الأعمال من الايمان، فقبوله الزيادة والنقصان ظاهر، ولهذا قيل:(ان هذه المسألة فرع مسألة كون الطاعات من الايمان.

وقال بعض المحققين:)لا نسلم أن حقيقة التصديق لا يقبل الزيادة والنقصان، بل تتفاوت قوة وضعفا للقطع بأن تصديق آحاد الأمة ليس كتصديق النبي عليه السلام. ولهذا قال ابراهيم عليه السلام: «ولكِنْ لِيطْمئِنّ قلْبِي» [1] .

(1) البقرة 260

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام