فهرس الكتاب
الصفحة 76 من 112

[79] الايمان هو التصديق والاقرار مذهب بعض العلماء. وهو اختيار الامام شمس الأئمة وفخر الاسلام رحمهما الله وذهب جمهور المحققين الى أنه التصديق بالقلب، وانما الاقرار شرط لاجراء الأحكام فى الدنيا لما أن التصديق بالقلب [1] أمر باطن، لا بد له من علامة. فمن صدق بقلبه ولم يقر بلسانه، فهو مؤمن عند الله، وان لم يكن مؤمنا فى أحكام الدنيا. ومن أقر بلسانه ولم يصدق بقلبه كالمنافق، فبالعكس. وهذا هو اختيار الشيخ «أبى منصور» رحمه الله والنصوص معاضدة لذلك. قال الله تعالى: «أُولئِك كتب فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمان» [2] وقال تعالى:

«وقلْبُهُ مُطْمئِنٌّ بِالْإِيمانِ» [3] وقال تعالى: «ولمّا يدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ» [4] وقال عليه السلام: «اللهم ثبت قلبى على دينك وطاعتك» وقال عليه السلام لأسامة حين قتل من قال لا إله الا الله: «هلا شققت قلبه» .

فان قلت: نعم الايمان هو التصديق. لكن أهل اللغة لا يعرفون منه الا التصديق باللسان. والنبي عليه السلام وأصحابه كانوا يقنعون من المؤمنين بكلمة الشهادة، ويحكمون بايمانه من غير استفسار عما فى قلبه. قلت: لا خفاء فى أن المعتبر فى التصديق:

عمل القلب، حتى لو فرضنا عدم [5] وضع لفظ التصديق لمعنى [6] غير التصديق القلبى، لم يحكم أحد من أهل اللغة والعرف بأن المتلفظ بكلمة صدقت: مصدق للنبى عليه السلام ومؤمن به. ولهذا صح نفى الايمان عن بعض المقرين باللسان. قال الله تعالى:

«ومِن النّاسِ منْ يقُولُ: آمنّا بِاللهِ وبِالْيوْمِ الْآخِرِ، وما هُمْ بِمُؤْمِنِين» [7] وقال تعالى: «قالتِ الْأعْرابُ: آمنّا. قُلْ: لمْ تُؤْمِنُوا. ولكِنْ قُولُوا أسْلمْنا» [8] .

وأما المقر باللسان وحده، فلا نزاع فى انه يسمى مؤمنا لغة.

ويجرى عليه أحكام الايمان ظاهرا. وانما النزاع فى كونه مؤمنا فيما

(1) بالقلب: ط.

(2) المجادلة 22.

(3) النحل 106

(4) الحجرات 14

(5) عدمه: خ.

(6) لمعنى أو وضعه لمعنى غير التصديق: ط.

(7) البقرة 8

(8) الحجرات 14

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام